- قوله ( ثور الشفق ) هو بالثاء المثلثة أي ثورانه وانتشاره ومعظمه . وفي القاموس إنه حمرة الشفق الثائرة فيه .
قوله ( قرن الشمس ) هو ناحيتها أو أعلاها أو أول شعاعها قاله في القاموس .
وقوله ( ويسقط قرنها الأول ) المراد به الناحية كما قاله النووي .
والحديث فيه ذكر أوقات الصلوات الخمس وقد تقدم الكلام في الظهر وسيأتي الكلام على وقت المغرب والعشاء والفجر كل في بابه .
وأما وقت العصر فالحديث يدل على امتداد وقته إلى اصفرار الشمس كما في الرواية الأولى من حديث الباب إلى سقوط قرنها أي غروبه كما في الرواية الثانية منه .
وحديث ( من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ) يدل على أن إدراك بعضها في الوقت مجزئ وإلى هذا ذهب الجمهور وقال أبو حنيفة : آخره الاصفرار وقال الاصطخري : آخره المثلان وبعدها قضاء . والأحاديث ترد عليهم ولكنه استدل الاصطخري بحديث جبريل السابق وفيه أنه ( صلى العصر اليوم الأول عند مصير ظل الشيء مثله واليوم الثاني عند مصير ظل الشيء مثليه ) وقال بعد ذلك : ( الوقت ما بين هذين الوقتين ) .
وقد أجيب عن ذلك بحمل حديث جبريل على بيان وقت الاختيار لا لاستيعاب وقت الاضطرار والجواز وهذا الحمل لا بد منه للجمع بين الأحاديث وهو أولى من قول من قال إن هذه الأحاديث ناسخة لحديث [ ص 388 ] جبريل لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع وكذلك لا يصار إلى ترجيح . ويؤيد هذا الجمع حديث ( تلك صلاة المنافق ) وسيأتي بعد هذا الحديث فمن كان معذورا كان الوقت في حقه ممتدا إلى الغروب ومن كان غير معذور كان الوقت له إلى المثلين وما دامت الشمس بيضاء نقية فإن آخرها إلى الاصفرار وما بعده كانت صلاته صلاة المنافق المذكورة في الحديث . وأما أول وقت العصر فذهب العترة والجمهور إنه مصير ظل الشيء مثله لما تقدم في حديث جبريل وقال الشافعي : الزيادة على المثل وقال أبو حنيفة : المثلان وهو فاسد ترده الأحاديث الصحيحة .
قال النووي في شرح مسلم : قال أصحابنا للعصر خمسة أوقات وقت فضيلة واختيار وجواز بلا كراهة وجواز مع كراهة ووقت عذر : فأما وقت الفضيلة فأول وقتها . ووقت الاختيار يمتد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه . ووقت الجواز إلى الاصفرار . ووقت الجواز مع الكراهة حال الاصفرار إلى الغروب . ووقت العذر وهو وقت الظهر في حق من يجمع بين العصر والظهر لسفر أو مطر . ويكون العصر في هذه الأوقات الخمسة أداء فإذا فاتت كلها بغروب الشمس صارت قضاء انتهى .
قال المصنف C : وفيه دليل على أن للمغرب وقتين وأن الشفق الحمرة وأن وقت الظهر يعاقبه وقت العصر وأن تأخير العشاء إلى نصف الليل جائز انتهى قوله وفيه دليل على أن للمغرب وقتين استدل على ذلك بقوله في الحديث ( ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق ) قال النووي في شرح مسلم : وذهب المحققون من أصحابنا إلى ترجيح القول بجواز تأخيرها ما لم يغب الشفق وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت وهذا هو الصحيح أو الصواب الذي لا يجوز غيره .
والجواب عن حديث جبريل حين صلى المغرب في اليومين في وقت واحد من ثلاثة أوجه : .
أحدها أنه اقتصر على بيان وقت الاختيار ولم يستوعب وقت الجواز وهذا جار في كل الصلوات سوى الظهر . والثاني أنه متقدم في أول الأمر بمكة وهذه الأحاديث بامتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق متأخرة في آخر الأمر بالمدينة فوجب اعتمادها . والثالث أن هذه الأحاديث أصح إسنادا من حديث بيان جبريل فوجب تقديمها انتهى .
وقوله ( وأن الشفق الحمرة ) قد أخرج ابن عساكر في غرائب مالك والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : ( الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة ) ولكنه صحح البيهقي وقفه وقد ذكر نحوه الحاكم وسيذكره [ ص 389 ] المصنف في باب وقت صلاة العشاء .
وقوله ( وأن تأخير العشاء إلى نصف الليل ) الخ سيأتي تحقيق ذلك في باب وقت صلاة العشاء