- حديث عمرو بن شعيب أخرجه البيهقي وابن دقيق العيد قال في التلخيص وسنده قوي اه وقد ساقه أبو داود بإسنادين . الإسناد الأول قال حتدثنا حفص ابن عمر حدثنا محمد بن راشد يعني المكحولي الدمشقي نزيل البصرة وثقه أحمد وابن معين حدثنا سليمان بن موسى يعني القرشي الأموس فقيه أهل الشام وكان أوثق أصحاب مكحول وأعلاهم من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهذا إسناد لا مطعن فيه . ورواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لا يخرج بها الحديث عن الحسن والصلاحية للاحتجاج . والسند الثاني قال حدثنا محمد بن خلف ابن طارق الرازي حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد يعني الدمشقي الخزاعي وهو ثقة حدثنا سعيد بن عبد العزيز يعني ابن يحيى التنوخي الدمشقي ورى له البخاري في الأدب وسائر الجماعة عن سليمان بن موسى المتقدم عن عمرو بن شعيب بالإسناد المتقدم وهذا كالإسناد الأول .
وفي الباب من حديث عائشة مرفوعا بلفظ " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر لأخيه ولا ظنين ولاقرابة " أخرجه الترمذي والدارقطني والبيهقي وفيه يزيد بن زياد الشامي وهو ضعيف قال الترمذي لا يعرف هذا من حديث الزهري إلا من هذا الوجه ولا يصح عندنا إسناده .
وقال أبو زرعة في العلل منكر وضعفه عبد الحق وابن حزم وابن الجوزي وفي الباب أيضا من حديث عبد الله ابن عمر بن الخطاب نحوه أخرجه الدارقطني والبيهقي وفي إسناده عبد الأعلى وهو ضعيف وشيخه يحيى بن سعيد الفارسي وهو أيضا ضعيف قال البيهقي لا يصح من هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي الباب أيضا عن عمر " لا تقبل شهادة ظنين ولاخصم " أخرجه مالك في الموطأ موقوفا وهو منقطع قال الإمام في النهاية واعتمد الشافعي خبرا صحيحا وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تقبل شهادة خصم على خصم قال الحافظ ليس له إسناد صحيح لكن له طرق يتقوى بعضها بعض فروى أبو داود في المراسيل من حديث طلحة بن عبد الله ابن عوف إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث مناديا أنها لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ورواه البيهقي من طريق الأعرج مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لا تجوز شهادة ذي الظنة والحنة يعني الذي بينك وبينه عداوة ورواه الحاكم من حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة يرفعه مثله .
وفي إسناده نظر .
وحديث الباب عن أبي هريرة أخرجه البيهقي وقال هذا الحديث مما تفرد به محمد ابن عمر وبن عطاء عن عطاء بن يسار وقال المنذري رجال إسناده احتج بهم مسلم في صحيحه اه وسياقه في سنن أبي داود قال حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني أخبرنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد الكلاعي عن أبي الهاد يعني يزيد بن عبد الله بن الهاد الليثي عن محمد بن عمرو بن عطاء يعني القرشي العامري عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة .
قوله : " لاتجوز شهادة خائن ولا خائنة " صرح أبو عبيد بأن الخيانة تكون في حقوق الله كما تكون في حقوق الناس من دون اختصاص .
قوله : " ولا ذي غمر " قال ابن رسلان بكسر الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهملة قال أبو داود الغمر الحنة والسحناء والحنة بكسر الحاء المهملة وتخفيف النون المفتوحة لغة في احنة وهي الحقد قال الجوهري يقال في صدره عى ؟ ؟ احنة ولا يقال حنة والواحنة المعاداة والصحيح أنها لغة كما ذكره أبو داود وجمعها حنات .
قال ابن الأثير وهي لغة قليلة في الاحنة وقال الهروي هي لغة رديئة والشحناء بالمد العداوة وهذا يدل على أن العداوة تمنع من قبول الشهادة لأنها تورث التهمة وتخالف الصداقة فإن في شهادة الصديق لصديقه بالزور نفع غيره بمضرة نفسه وبيع آخرته بدنيا غيره وشهادة العدو على عدوه يقصد بها نفع نفسه بالتشفي من عدوه فافترقا فإن قيل لم قبلته شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة قال ابن رسلان قلنا العداوة ههنا دينية والدين لا يقتضي شهادة الزور بخلاف العداوة الدنيوية قال وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور وقال أبو حنيفة لا تمنع العداوة الشهادة لأنها لا تخلب العدالة فلا تمنع الشهادة كالصداقة اه . وإلى الأول ذهبت الهادوية وإلى الثاني ذهب المؤيد بالله أيضا والحق عدم قبول شهادة العدو على عدوه لقيام الدليل على ذلك والأدلة لا تعارض بمحض الآراء وليس للقائل بالقبول دليل قبول قال في البحر مسألة العداوة لأجل الدين لا تمنع كالعدلى على القدرى والعكس ولأجل الدنيا تمنع .
قوله " ولا تجوز شهادة القانه لأهل البيت " هو الخادم المنقطع إلى الخدمة فلا تقبل شهادته للتهمة بجلب النفع إلى نفسه وذلك كالأجير الخاص وقد ذهب إلى عدم قبول شهادته للمؤجر له الهادي والقاسم والناصر والشافعي قالوا لأن منافعه قد صارت مستغرقة فأشبه العبد وقد حكى في البحر الإجماع على عدم قبول شهادة العبد لسيده .
قوله : " ولا زان ولا زانية " المانع من قبول شهادتهما الفسق الصريح .
وقد حكى في البحر الإجماع على أنها لا تصح الشهادة من فاسق لصريح قوله تعالى { واشهدوا ذوي عدل } وقوله { إن جائكم فاسق } اه واختلف في شهادة الولد لوالده والعكس فمنع من ذلك الحسن البصري والشعبي وزيد بن علي والمؤيد بالله ووالإمام يحيى والالثوري ومالك والشافعية والحنفية وعللوا بالتهمة فكان القانع .
وقال عمر بن الخطاب وشريح وعمر بن عبد العزيز والعترة وأبو ثور وابن المنذر والشافعي في قوله له أنها تقبل لعموم قوله تعالى { ذوي عدل } وهكذا وقع الخلاف في شهادة أحد الزوجين للآخر لتلك العلة ولا ريب أن القرابة والزووجية مظنة للتهمة لأن الغالب فيهما المحاباة . وحديث ولا ظنين المتقدم يمنع من قبول شهادة المتهم فمن كان معروفا من القرابة ونحوهم بمتانة الدين البابغة إلى خد لا يؤثر معها محبة القرابة فقد زالت حينئذ وظنة التهمة ومن لم يكن كذلك فالواجب عدم القبول لشهادته لأنه مظنة للتهمة .
قوله " لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية " البدوي هو الذي يسكن البادية في المضارب والخيام ولا يقيم في موضع خاص بل يرتحل من مكان إلى مكان وصاحب القرية هو الذي يسكن القرى وهي المصر الجامع .
قال في النهاية إنما كره شهادة البدوي لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع ولأنهم في الغالب لا يضبظون الشهادة على وجهها .
قال الخطابي يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو لما فيهم من عدم العلم بإتيان الشهادة على وجهها ولا يقيمونها على حقها لقصور علمهم عما يغيرها عن وجهها وكذلك قال أحمد وذهب إلى العمل بالحديث جماعة من أصحاب أحمد وبه قال مالك وأبو عبيد وذهب الأكثر إلى القبول قال ابن رسلان وحملوا هذا الحديث على من لم تعرف عدالته من أهل البدو والغلب أنهم لا تعرف عدالتهم اه وهذا حمل مناسب لأن البدوي إذا كان معروف العدالة كان رد شهادته لعلة كونه بدويا غير مناسب لقواعد الشريعة لأن المساكن لا تأثير لها في الرد والقبول لعدم صحة جعل ذلك مناطا شرعيا ولعدم إنضباطه فالمناط هو العدالة الشرعية إن وجد للشرع اصطلاح في العدالة وإلا توجه الحمل على العدالة اللغوية فعند وجود العدالة يوجد القبول وعند عدمها يعدم ولم يذكر صلى الله عليه وآله وسلم المنع من شهادة البدوي إلا لكونه مظنة لعدم القيام بما يحتاج إليه العدالة وإلا فقد قبل صلى الله عليه وآله وسلم في الهلال شهادة بدوي