- رواية أبي داود في إسنادها محمد بن إسحاق وفيها مقال . معروف . وحديث أبي لبابة أورده الحافظ في الفتح وعزاه إلى أحمد وأبي داود من طريق أبي عيينة عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر الحديث وفيه وأن أنخلع من مالي كله صدقة قال يجزي عنك الثلث .
قوله : " أن أنخلع " بنون وخاء معجمة أي أعرى من مالي كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه وقد اختلف السلف فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله على عشرة مذاهب : الأول أن يلزمه الثلث فقط لهذا الحديث قاله مالك ونوزع في أن كعب بن مالك لم يصرح بلفظ النذر ولا بمعناه بل يحتمل أنه نجز النذر ويحتمل أن يكون أراد أن يؤكد أمر توبته بالتصدق بجميع ما يملك شكرا لله تعالى على ما أنعم به عليه قال ابن المنير لم يبتت كعب الإنخلاع بل استشار هل يفعل أم لا .
قال الحافظ ويحتمل أن يكون استفهم وحذفت أداة الاستفهام . ومن ثم كان الراجح عند الكثير من العلماء وجوب الوفاء ممن التزم أن يتصدق بجميع ماله إذا كان على سبيل القربة وقيل إن كان مليا لزمه وإن كان فقيرا فعليه كفارة يمين وهذا قول الليث ووافقه ابن وهب وزاد وإن كان متوسطا يخرج قدر زكاة ماله . والأخير عن أبي حنيفة بغير تفصيل وهو قول ربيعة . وعن الشعبي وابن أبي ليلى لا يلزمه شيء أصلا . وعن قتادة يلزم الغني العشر والمتوسط السبع والمملق الخمس .
وقيل يلزم الكل إلا في نذر اللجاج فكفارة اليمين . وعن سحنون يلزمه أن يخرج مالا يضر به . وعن الثوري والأوزاعي وجماعة يلزمه كفارة يمين بدون تفصيل . وعن النخعي يلزمه الكل بغير تفصيل وإذا تقرر ذلك فقد دل حديث كعب أنه يشرع لمن أراد التصدق بجميع ماله أن يمسك بعضه ولا يلزم من ذلك أنه لو نجزه لم ينفذ وقيل أن التصدق بجميع المال يختلف باختلاف الأحوال فمن كان قويا على ذلك يعلم من نفسه الصبر لم يمنع وعليه يتنزل فعل أبي بكر الصديق وإيثار الأنصار على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن لم يكن كذلك فلا وعليه يتنزل لاصدقة إلا عن ظهر غنى وفي لفظ أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى