حديث ابن عمر رجال إسناده في سنن ابن ماجه ثقات إلا الحسين بن مهدي شيخ ابن ماجه فقال في التقريب أنه صدوق وعزاه السيوطي في الجامع الصغير أيضا إلى الحاكم في المستدرك والبيهقي في الشعب .
وأخرج أيضا الطبراني في الكبير عن ابن عمر مرفوعا " ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة " وحديث أنس في إسناده عند ابن ماجه رجل مجهول فإنه قال عن رجل أراه موسى عن أنس وقد أخرجه أيضا الحكيم الترمذي . وحديث بريدة أخرجه بهذا اللفظ أبو نعيم في الطب من حديث علي بإسناد ضعيف .
قوله : " نعم الإدم " قال النووي الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به يقال أدم الخبز يأدمه بكسر الدال وجمع الأدام بضم الهمزة كأهاب واهب وكتاب وكتب والأدم بإسكان الدال مفرد كالأدام قال الخطابي والقاضي عياض معنى الحديث مدح الاقتصار في المآكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة تقديره ائتدموا بالخل وما في معناه مما تخف مؤنته ولا يعز وجوده ولا تتأنقوا بالشهوات فإنها مفسدة للدين مقسمة للبدن .
قال النووي والصواب الذي ينبغي أن يجزم به أنه مدح للخل نفسه وأما الاقتصار في المطعم وترك الشهوات فمعلوم من قواعد أخر .
وأما قول جابر فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو كقول أنس ما زلت أحب الدباء وهذا مما يؤيد ما قلناه في معنى الحديث أن المدح للخل نفسه وتأويل الراوي إذا لم يخالف الظاهر يتعين المصير إليه والعمل به عند جماهير العلماء من الفقهاء والأصوليين وهذا كذلك بل تأويل الراوي هنا هو ظاهر اللفظ فيتعين اعتماده .
قوله : " ائتدموا بالزيت " فيه ترغيب بالإتدام بالزيت معللا ذلك بكونه من شجرة مباركة .
قوله : " سيد أدامكم الملح " قد تقدم أن الأدام اسم لما يؤتدم به أي يؤكل به الخبز مما يطيب سواء كان مما يصطبغ به كالأمراق والمائعات أو مما لا يصطبغ به كالجامدات من الجبن والبيض والزيتون وغير ذلك قال ابن رسلان هذا معنى الأدام عند الجمهور من السلف والخلف انتهى . ولعل تسمية الملح بسيد الأدام لكونه مما يحتاج إليه في كل طعام ولا يمكن أن يساغ بدونه فمع كونه لا يزال مخالطا لكل طعام محتاج إليه لا يغني عنه من أنواع الأدام شيء وهو يغني عنها بل ربما لا يصلح بعض الدم إلا بالملح فلما كان بهذا المحل أطلق عليه اسم السيد وإن لم يكن سيدا بالنسبة إلى ذاته لكونه خاليه عن الحلاوة والدسومة ونحوهما .
قوله : " فوضع عليها تمرة " فيه أن وضع التمرة على الكسرة جائز ليس بمكروه وإن كان البزار روى حديث " أكرموا الخبز " مع ما في الحديث من المقال فمثل هذا لا ينافي الكرامة .
قوله : " هذه أدم هذه " فيه دليل على أن الجوامد تكون إداما كالجبن والزيتون والبيض والتمر وبهذا قال الشافعي .
وقال أبو حنيفة ما لا يصطبغ به فليس بأدام لأن كل واحد منهما يرفع إلى الفم منفردا .
قوله : " سيد أدام أهل الدنيا " الخ فيه تصريح بأن اللحم حقيق بأن يطلق عليه اسم السيادة المطلقة في الدنيا والآخرة ولا جرم فهو بمنزلة لا يبلغها شيء من الأدم كائنا ما كان فإطلاق السيادة عليه لذاته لا لمجرد الاحتياج إليه كما تقدم في الملح .
قوله : " خبزة واحدة " بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها زاي هي في أصل اللغة الطلمة والمراد بها هنا المصنوع من الطعام .
قال النووي معنى الحديث إن شاء الله يجعل الأرض كالظلمة والرغيف العظيم ويكون ذلك طعاما نزلا لأهل الجنة والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير .
قوله : " بالام والنون " الحرف الأول باء موحدة وبعدها لام مخففة بعده ميم مرفوعة غير منونة كذا قال النووي .
قال وفي معناها أقوال مضطربة الصحيح منها الذي اختاره القاضي وغيره من المحققين أنها لفظة عبرانية معناها بالعبرانية ثور ولهذا فسر ذلك به ووقع السؤال لليهود عن تفسيرها ولو كانت عربية لعرفتها الصحابة ولم يحتاجوا إلى سؤاله عنها فهذا هو المختار في بيان هذه اللفظة .
قال وأما النون فهو الحوت باتفاق العلماء . والمراد بقوله يتكفؤها أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي لأنها ليست منبسطة كالرقاقة ونحوها . والنزل بضم النون والزاي ويجوز إمكان الزاي وهو ما يعد للضعيف عند نزوله .
قال الخطابي لعل اليهودي أراد التعمية عليهم فقطع الهجاء وقدم أحد الحرفين على الآخر وهي لام ألف وياء بريد لأي وزن لعا وهو الثور الوحشي فصحف الراوي الياء المثناة فجعلها موحدة .
قال الخطابي هذا أقرب ما يقع لي فيه والمراد بزائدة الكبد قطعة منفردة متعلقة بالكبد وهي أطيبها . قوله " يأكل منها سبعون ألفا " قال القاضي يحتمل أنهم السبعون ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فخصوا بأطيب النزل . ويحتمل أنه عبر بالسبعين ألفا عن عدد الكثير ولم يرد الحصر في ذلك القدر وهذا معروف من كلام العرب