- قد تقدم الكلام على معنى الحديثين في كتاب الزكاة والمقصود من إيرادهما ههنا بأن الحالف بأنه لا يهدي لا يحنث إذا تصدق لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يسال عن الطعام الذي يقرب إليه هل هو صدقة أو هدية وكذلك قال في لحم بريرة هو لها صدقة ولنا هدية كما في حديث الباب فدل ذلك على تغاير مفهومي الهدية والصدقة فإذا حلف من إحداهما لم يحنث بالأخرى كسائر المفهومات المتغايرة .
قال ابن بطال إنما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يأكل الصدقة لأنها أوساخ الناس ولأن أخذ الصدقة منزلة ضهة والأنبياء منزهون عن ذلك لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان كما وصفه الله { ووجدك عاءلا فأغنى } والصدقة لا تحل للأغنياء وهذا بخلاف الهدية فإن العادة جارية بالإثابة عليها وكذلك كان شأنه .
وفي حديث أنس دليل على أن الصدقة إذا قبضها من يحل له أخذها ثم تصرف فيها زال عنها حكم الصدقة وجاز لمن حرمت عليه الصدقة أن يتناول منها إذا أهديت له أو بيعت