- حديث ابن مسعود أخرجه أيضا الحاكم وصححه وصححه أيضا ابن حبان وهو من رواية ابن أخي زينب امرأة ابن مسعود عنها عن ابن مسعود .
قال المنذري والراوي عن زينب مجهول وحديث عقبة بن عامر قال في مجمع الزوائد أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات . وحديث عبد الله بن عمرو في إسناد عبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي افريقيا قال البخاري في حديثه مناكير . وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه نحو هذا . وحديث الشفا سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلا إبراهيم بن مهدي البغدادي المصيصي وهو ثقة .
وقد أخرج النسائي عن إبراهيم ابن يعقوب عن علي بن المدني عن محمد بن بشر ثم بإسناد أبي داود .
قوله : " أن الرقي " بضم الراء وتخفيف القاف مع القصر جمع رقية كدمى جمع دمية .
قوله : " والتمائم " جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يمنعون بها العين في زعمهم فأبطله الإسلام .
قوله : " والتولة " بكسر التاء المثناة فوق وبفتح الواو المخففة .
قال الخليل التولة بكسر التاء وضمها شبيه بالسحر وقد جاء تفسير التولة عن ابن مسعود كما أخرجه الحاكم وابن حبان وصححاه أنه دخل على امرأته و في عنقها شيء معقود فجذبه فقطعه ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول أن الرقي والتمائم والتولة شرك قالوا يا أبا عبد الله هذه التمائم والرقي عرفناها فما التولة قال شيء يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن يعني من السحر . قيل هي خيط يقرأ فيه السحر أو قرطاس يكتب فيه شيء منه يتحبب به النساء إلى قلوب الرجال أول الرجال إلى قلوب النساء فأما ما تحبب به المرأة إلى زوجها من كلام مباح كما يسمى الغنج وكما تلبسه للزينة أو تطعمه من عقار مباح أكله أو أجزاء حيوان مأكول مما يعتقد أنه سبب إلى محبة زوجها لما أودع الله تعالى فيه من الخصيصة بتقدير الله لا أنه يفعل ذلك بذاته .
قال ابن رسلان فالظاهر أن هذا جائز لا أعرف الأن ما يمنعه في الشرع قوله " شرك " جعل هذه الثلاثة من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر بنفسه .
قوله : " فلا أتم الله له " فيه الدعاء على من أعتقد في التمائم وعلقها على نفسه بضد قصده وهو عدم التمام لما قصده من التعليق . وكذلك قوله " فلا ودع الله له " فإنه دعاء على من فعل ذلك وودع ماضي يدع مثل وذر ماضي يذر .
قوله " أو ما أتيت بفتح الهمزة والتاء الأولى أي لا أكترث بشيء من أمر ديني ولا أهتم بما فعلته إن أنا فعلت هذه الثلاثة أو شيئا منها وهذه المبالغة عظيمة وتهديد شديد في فعل شيء من هذه الثلاثة أي من فعل شيئا منها فهو غير مكترث بما يفعله ولا يبالي هل هو حرام أو حلال وهذا إن اضافه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى نفسه فالمراد به أعلام غيره بالحكم وقد سئل عن تعليق فقال ذلك شرك قوله " ترياقا " بالتاء أو الدال أو الطاء في أوله مكسورات أو مضمومات فهذه ست لغات أرجحهن بمثناة مكسورة رومي معرب . والمراد به هنا ما كان مختلطا بلحوم الأفاعي يطرح منها رأسها وأذنابها ويستعمل أوساطها في الترياق وهو محرم لأنه نجس وإن أتخذ الترياق من أشياء طاهرة فهو طاهر لا بأس بأكله وشربه ورخص مالك فيما فيه شيء من لحوم الأفاعي لأنه يرى إباحة لحوم الحيات وأما إذا كان الترياق نباتا أو حجرا فلا مانع منه .
قوله : " أو قلت الشعر من قبل نفسي " أي من جهة نفسي فخرج به ما قاله لاعن نفسه بل حاكيا له من غيره كما في الصحيح " خير كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد " ويخرج منه أيضا ما قاله لا على قصد الشعر فجاء موزونا .
قوله : " كان للنبي خاصة " يعني وأما في حق الأمة فالتماءم وإنشاء الشعر غير حرام .
قوله " في الرقية من العين " أي من إصابة العين . قوله " والحمة " بضم الحاء المهملة وفتح الميم المخففة واصلها حمو أو حمى بوزن صرد والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة أو الياء مثل سمة من الوسم وهذا على تخفيف الميم أما من شدد فالأصل عنده حممة ثم أدغم كما في الحديث " العالم مثل الحمة " وهي عين ماء حلر ببلاد الشام يستشفي بها المرضى وأنكر الأزهري تشديد الميم والمراد بالحمة السم من ذوات السموم وقد تسمى إبرة العقرب والزنبور ونحوهما حمة لأن السم يخرج منها فهو من المجاز والعلاقة المجاورة .
قوله : " ألا تعلمين " بضم أوله وتشديد اللام المكسورة هذه يعني حفصة رقية النملة بفتح النون وكسر الميم وهي قروح تخرج من الجنب أو الجنبين ورقية النملة كلام كانت نساء العرب تستعمله يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع . ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال للعروس تحتفل ةتختضب وتكتحل وكل شيء يفتعل غير أن لا تعصى الرجل فأراد صلى الله عليه وآله وسلم بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضا لأنه ألقى إليها سرا فأفشته على ما شهد به التنزيل في قوله تعالى { وإذا أسر النبي إلى بعض } الآية .
قوله : " كما علمتها الكتابة " فيه دليل على جواز تعلم النساء الكتابة وأما حديث " لا تعلموهن الكتابة ولا تسكنوهن الغرف وعلموهن سورة النور " فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من تعليمها الفساد .
قوله : لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شيء من الشرك المحرم وفيه دليل على جواز الرقي والتطيب بمالا ضرر فيه ولا منع من جهة الشرع وإن كان بغير أسماء الله وكلامه لكن إذا كان مفهوما لأن ما لم يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك .
قوله " من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل " قد تمسك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها لكن دل حديث عوف أنه يمنع ما كان من الرقي يؤدي إلى الشرك وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمنع احتياطا وقال قوم لا تجوز الرقية إلا من العين والحمة كما في حديث عمران بن حصين لا رقية إلا من عين أو حمة وأجيب بأن معنى الحصر فيه أنهما أصل كل محتاج إلى الرقية فيلحق بالعين جواز رقية من به مس أو نحوه لاشتراك ذلك من كونه كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من أنسي أو جني ويلتحق بالسم كل ما عرض للبدن من قرح ونحوه من المواد السمية وقد وقع عند أبي داود في حديث أنس مثل حديث عمران وزاد أو دم وكذلك حديث أنس المذكور في الباب زاد فيه النملة وقال قوم المنهي عنه من الرقي ما يكون قبل وقوع البلاء والمأذون فيه ما كان بعد وقوعه ذكره ابن عبد البر والبيهقي وغيرهما وفيه نظر وكأنه مأخوذ من الخبر الذي قرنت فيه التمائم بالرقي كما في حديث ابن مسعود المذكور في الباب .
قوله : " نفث " النفث نفخ لطيف بلا ريق وفيه استحباب الفث في الرقية .
قال النووي وقد أجمعوا على جوازه واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
قال القاضي وأنكر جماعة النفث في الررقي وأجازوا فيها النفخ بلا ريق قال وهذا هو المذهب قال وقد اختلف في النفث والتفل فقيل هما بمعنى ولا يكون إلا بريق وقال أبو عبيد يشترط في التفل ريق يسير ولا يكون في النفث وقيل عكسه قال وسئلت عائشة عن نفث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الرقية فقالت كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة ولا يقصد ذلك وقد جاء في حديث الذي رقي بفاتحة الكتاب فجعل يجمع بزاقه ويتفل .
قوله : " بالمعوذات " قال ابن التين الرقي بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقية المنهي عنها التي يستعملها المعزم وغيره ممن يدعي تسخير الجن له يأتي بأمور مشبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بمردتهم ويقال إن الحية لعداوتها للإنسان بالطبع تصادق الشياطين لكونهم أعداء بني ىدم فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت وخرجت فلذلك كره من الرقي مالم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناه ليكون بريئا من شوب الشرك وعلى كراهة الرقي بغير كتاب الله علماء الأمة .
وقال القرطبي الرقي ثلاثة أقسام أحدها ما كان يرقي به الجاهلية ولا يعقل معناه فيجب اجتنابه لئلا يكون فيه شرك أو يؤدي إلى الشرك . الثاني ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز فإن كان مأثور فيستحب . الثالث ما كان بأسناء غير الله من ملك أو صالح أو معطم من المخلوقات كالعرش قال فهذا ليس من الواجب اجتنابه ولا من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك بأسمائه فيكون تركه أولى إلا أن يتضمن تعظيم المرقي به فينبغي أن يجتنب كالحلف بغير الله قال الربيع سألت الشافعي عن الرقية فقال لا بأس أن ترقى بكتاب الله وبما تعرف من ذكر الله قلت أيرقي أهل الكتاب المسلمين قال نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الله .
قوله : " وأمسحه بيد نفسه " في رواية وأمسح بيده نفسه