- حديث عائشة تقدم في باب ما جاء في الخليطين .
وأخرج أبو داود أيضا عن عائشة أنها كانت تنبذ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غدوة فإذا كان من العشاء فتعشى شرب على عشائه وإن فضل شيء صبته أو فرغته ثم تنبذ له بالليل فإذا اصبح تغدى فشرب على غدائه قالت نغسل السقاء غدوة وعشية فقال لها أي مرتين في يوم قالت نعم . وحديث أبي هريرة أخرجه ابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات وقد اختلف في هشام بن عمار ولكنه قد أخرج له البخاري .
وأما قوله وله مثله عن عمر فهو ما أخرجه النسائي من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي قال كتب عمر اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان اثنين ولكم واحد وصحح هذا الحافظ في الفتح وأخرج مالك في الموطأ من طريق محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكى إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر اشربوا العسل قالوا ما يصلحنا العسل فقال رجل من أهل الأرض هل لك أن تجعل من هذا الشراب شيئا لا يسكر فقال نعم فطبخوا حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط فقال هذا الطلاء مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه وقال اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم .
وأخرج سعيد بن منصور من طريق أبي مجلز عن عامر بن عبد الله قال كتب عمر إلى عمار أما بعد فإنه جاءني عير تحمل شرابا أسودا كأنه طلاء الإبل فذكروا أنهم يطبخونهم حتى يذهب ثلثاه الاخبثان ثلث بريحه وثلث ببغيه فمر من قبلك أن يشربوه . ومن طريق سعيد بن المسيب أن عمر أحل من الشراب ما يطبخ فذهب ثلثاه وبقي ثلثه . وأثر أبي عبيدة ومعاذ أخرجه أبو مسلم الكجي وسعيد بن منصور بلفظ يشربون من الطلاء ما يطبخ على الثلث وذهب ثلثاه قال في الفتح وقد وافق عمر ومن ذكر معه على الحكم المذكور أبو موسى وأبو الدرداء أخرجه النسائي عنهما وعلى وأبو أمامة وخالد من الوليد وغيرهم أخرجها ابن أبي شيبة وغيره ومن التابعين ابن المسيب والحسن وعكرمة ومن الفقهاء الثوري والليث ومالك وأحمد والجمهور وشرط تناوله عندهم ما لم يسكر وكرهه طائفة تورعا . وأثر البراء أخرجه ابن أبي شيبة من رواية عدي بن ثابت عنه أنه كان يشرب الطلاء على النصف أي إذا طبخ فصار على النصف . وأثر أبي جحيفة أخرجه أيضا ابن أبي شيبة ووافق البراء وأبا حنيفة جرير ومن التابعين ابن حنيفة وشريح واطلق الجميع على أنه إن كان حرم قال أبو عبيدة بلغني أن النصف يسكر فإن كان كذلك فهو حرام والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد فقد قال ابن حزم أنه شاهد العصير ما إذا طبخ إلى الثلث ينعقد ولا يصير مسكرا أصلا ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك بل قال أنه شاهد منه مالو طبخ لا يبقى غير ربعه لا ينفك عنه السكر قال وجب أن يحمل ما ورد عن الصحابة من أمر الطلاء على مالا يسكر بعد الطبخ وأخرج النسائي من طريق عطاء عن ابن عباس بسند صحيح أنه قال أن النار لا تحل شيء ولا تحرمه .
وأخرج النسائي أيضا من طريق أبي ثابت الثعلبي قال كنت عند ابن عباس فجاءه رجل يسأله عن العصير فقال إشربه ما كان طريا قال إني طبخت شرابا وفي نفسي قال كنت شاربه قبل أن تطبخه قال لا قال فإن النار لا تحل شيئا قد حرم .
قال الحافظ وهذا يقيد ما أطلق في الآثار الماضية وهو أن الذي يطبخ إنما هو اعصير الطري قبل أن يتخمر أما لو صار خمرا فطبخ فإن الطبخ لا يحله ولا يطهره إلا على رأي من يجيز تخليل الخمر والجمهور على خلافه .
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي من طريق سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي اشربوا العصير ما لم يغل . وعن الحسن البصري ما لم يتغير وهذا قول كثير من السلف أنه إذا بدا فيه التغيريمتنع وعلامة ذلك أن يأخذ في الغليان وبهذا قال أبو يوسف .
وقيل إذا انتهى غليانه وابتدأ في الهدو بعد الغليان .
وقيل إذا سكن غليانه .
وقال أبو حنيفة لا يحرم عصير العنب إلى أن يغلي ويقذف بالزبد فإذا إلى وقذف بالبد حرم .
وأما المطبوخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فلا يمتنع مطلقا ولو إلى وقذف بالزبد بعد الطبخ .
وقال مالك والشافعي والجمهور يمتنع إذا صار مسكرا شرب قليله وكثيره سواء غلا أم لا لأنه يجوز أن يبلغ حد الإسكار بأن يغلي ثم يسكن غليانه بعد ذلك وهو مراد من قال حد منع شربه أن يتغير .
وأخرج مالك بإسناد صحيح أن عمر قال إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلاء وإني سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته فجلده عمر الحد تاما .
وفي السياق حذف والتقدير سأل عنه فوجده يسكر فجلده .
وأخرج سعيد بن منصور عنه نحوه .
وفي هذا رد على من احتج بعمر في جواز المطبوخ إذا ذهب منه الثلثان ولو أسكر بأن عمر أذن بشربه ولم يفصل وتعقب بأن الجمع بين الأثرين ممكن بأن يقال سأل ابنه فاعترف بأنه شرب كذا فسأل غيره عنه فأخبره أنه يسكر أو سأل ابنه فاعترف أنه يسكر .
وقال أبو ليث السمرقندي شارب المطبوخ إذا كان يسكر أعظم ذنبا من شارب الخمر لأن شارب الخمر يشربها وهو عالم أنه عاص بشربها وشارب المطبوخ يشرب المسكر ويراه حلالا وقد قام الإجماع على أن قليل الخمر وكثيره . حرام وثبت قوله صلى الله عليه وآله وسلم " كل مسكر حرام " ومن استحل ما هو حرام بالإجماع كفر قوله " يوكي " أي يشد بالوكاء وهو غير مهموز .
قوله : " وله عزلاء " بفتح العين المهملة وإسكان الزاي وبالمد وهو الثقب الذي يكون في أسفل المزادة والقربة .
قوله " فيشربه عشاء " قال النووي وهو بكسر العين وفتح الشين وضبطه بعضهم بفتح العين وكسر الشين وزيادة ياء مشددة .
قال القرطبي هذا يدل على أن أقصى زمان الشرب ذلك المقدار فإنه لا تخرج حلاوة التمر أو الزبيب في أقل من ليلة أو يوم ( والحاصل ) أنه يجوز شرب النبيذ ما دام حلوا غير أنه إذا اشتد الحر أسرع إليه التغير في زمان الحر دون زمان البرد .
قوله : " غلى مساء الثالثة قال النووي مساء الثالثة يقال بضم الميم وكسرها لغتان مشهورتان والضم أرجح . فوله " فيسقي الخادم " هذا محمول على أنه لم يكن قد بلغ إلى حد السكر لأن الخادم لا يجوز أن يسقى المسكر كما لا يجوز له شربه بل تتوجه إراقته .
قوله : " أو يهراق " بضم أوله لأنه إذا صار مسكرا حرم شربه وكان نجسا فيراق قوله " فتحينت فطره " أي طلبت حين فطره .
قوله : " صنعته في دباء " أي قرع .
قوله : " ينش " بفتح الياء التحتية وكسر النون أي إذا إلى يقال نشت الخمر تنش نشيشا إذا غلت .
قوله : " اضرب بهذا الحائط " أي أصببه وأرقه في البستان وهو الحائط قوله " في ثلاث " فيه دليل على أن النبيذ بعد الثلاث قد صار مظنة لكونه مسكرا فيتوجه اجتنابه قوله " من الطلاء " بكسر المهملة والمد شبه بطلاء لإبل وهو في تلك الحال غالبا لا يسكر