- حديث ابن عباس قال الحافظ رجاله رجال الصحيح .
وقال البيهقي هو أقوى ما ورد في هذا الباب . ثم رواه من حديث سهل بن سعد وزاد فيه والضفدع .
وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد وهو ضعيف . وحديث عبد الرحم بن عثمان أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي قال البيهقي ما ورد في النهى ( 1 ) [ هكذا الأصل المطبوع ولعل فيه سقطا تقديره ما ورد في النهي عن الضفدع من الأحاديث ضعيف والله أعلم ] وروى البيهقي من حديث أبي هريرة النهي عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد وفي إسناده إبراهيم بن الفضل وهو متروك .
وروى البيهقي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفا لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح ولا تقتلوا الخفاش فإنه لما خرب بيت المقدس قال يا رب سلطني على البحر حتى أغرقهم .
قال البيهقي إسناده صحيح .
قال الحافظ وإن كان إسناده صحيحا لكن عبد الله بن عمرو كان يأخذ عن الإسرائيليات . ومن جملة ما نهى عن قتله الخطاف . أخرج أبو داود في المراسيل من طريق عباد بن إسحاق عن أبيه قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل الخطاطيف " ورواه البيهقي معضلا أيضا من طريق ابن أبي الحويرث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عباس وفيه الأمر بقتل العنكبوت .
وفيع عمرو بن جميع وهو كذاب .
وقال البيهقي روى فيه حديث مسند وفيه حمزة النصيبي وكان يرمي بالوضع . ومن ذلك الرخمة أخرج ابن عدي والبيهقي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن أكل الرخمة .
وفي إسناده خارجة بن مصعب وهو ضعيف جدا ومن ذلك العصفور أخرج الشافعي وأبو داود والحاكم من حديث عبد الله بن عمر وقال صحيح الإسناد مرفوعا " ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها بغير حقا إلا سأل الله عنها قال يا رسول الله وما حقها قال يذبحها ويأكلها ولا يقطع رأسها ويطرحها " وأعله ابن قطان بصهيب مولى ابن عباس الراوي عن عبد الله فقال لا يعرف حاله . ورواه الشافعي وأحمد والنسائي وابن حبان عن عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعا " من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله به يوم القيامة يقول يا رب أن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة " قوله " خمس فواسق " الخ هذا الحديث قد تقدم الكلام عليه في كتاب الحج .
قوله " أمر بقتل الوزغ " قال أهل اللغة هي من الحشرات المؤذيات وجمعه أوزاغ وسام أبرص جنس منه وهو كباره وتسميته فويسقا كتسمية الخمس فواسق وأصل الفسق الخروج والوزغ والخمس المذكور خرجت عن خلق معظم الحشرات ونحوها بزيادة الضر والأذى .
قوله : " وكان ينفخ على إبراهيم " أي في النار وذلك لما جبل عليه طبعها من عداوة نوع الأنسان .
قوله : " في أول ضربة كتب له مائة حسنة " في رواية أخرى سبعون قال النووي مفهوم العدد لا يعمل به عند جمهور الأصوليين فذكر سبعين لا يمنع المائة فلا معارضة بينهما ويحتمل أنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بالسبعين ثم تصدق الله بالزيادة إلى الماءة فأعلم بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين أوحى إليه بعد ذلك . ويحتمل أن ذلك يختلف باختلاف قاتل الوزغ بحسب نياتهم وإخلاصهم وكمال أحوالهم ونقصها لتكون المائة للكامل منهم والسبعون لغيره .
وأما سبب تكثير الثواب في قتله بأول ضربة ثم ما يليها فالمقصود به الحث على المبادرة بقتله والاعتناء به وتحريض قاتله على أن يقتله بأول ضربة فإنه إذا أراد أن يضربه ضربات ربما انفلت وفات قتله .
قوله : " والصرد " هو طائر فوق العصفور . وأجاز مالك أكله .
وقال ابن العربي إنما نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قتله لأن العرب كانت تشاءم به فنهى عن قتله ليزول ما في قلوبهم من اعتقاد التشاؤم .
وفي قول للشافعي مثل مالك لأنه أوجب فيه الجزاء على المحرم إذا قتله .
وأما النمل فلعله إجماع على المنع من قتله .
قال الخطابي إن النهي الوارد في قتل النمل المراد به السليماني أي لانتفاء الأذى منه دون الصغير وكذا في شرح السنة .
وأما النحلة فقد روى إباحة أكلها عن بعض السلف .
وأما الهدهد فقد روى أيضا حل أكله وهو مأخوذ من قول الشافعي أنه يلزم في قتله الفدية .
قوله : " فنهى عن قتل الضفدع " فيه دليل على تحريم أكلها بعد تسليم أن النهي عن القتل يستلزم تحريم الأكل .
قال في القاموس الضفدع كزبرج وجندب ودرهم وهذا أقل أو مردود دابة نهرية .
قوله : " ينهى عن قتل الجنان " هو بجيم مكسورة ونون مشددة وهي الحيات جمع جان وهي الحية الصغيرة .
وقيل الدقيقة الخفيفة .
وقيل الدقيقة البيضاء .
قوله " إلا الأبتر " هو قصير الذنب .
وقال النضر بن شميل هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها . وهو المراد من قوله " يتبعان ما في بطون النساء " أي يسقطان قوله " وذا الطفيتين " هو بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء وهما الخطان الأبيضان على ظهر الحية وأصل الطفية خوصة المقل وجمعها طفي شبه الخطين على ظهرها نحو صتي المقل .
قوله : " يخطفان البصر " أي يطمسانه بمجرد نظرهما إليه لخاصية جعلها الله تعالى في بصرهما إذا وقع على بصر الإنسان .
قال النووي قال العلماء وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع بصره على عين إنسان مات من ساعته .
قوله : " فحرجوا عليهن ثلاثا " بحاء مهملة ثم راء مشددة ثم جيم والمراد به الإنذار .
قال المازري والقاضي لا تقتلوا حيات مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا بإنذار كما جاء في هذه الأحاديث فإذا أنذرها ولم تنصرف قتلها وأما حيات غير المدينة في جميع الأرض والبيوت والدور فيندب قتلها من غير إنذار لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها ففي الصحيح بلفظ " اقتلوا الحيات " ومن ذلك حديث الخمس الفواسق المذكورة في أول الباب .
وفي حديث الحية الخارجة بمنى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتلها ولم يذكر إنذارا ولا نقل أنهم أنذروها فأخذ بهذه الحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقا وخصت المدينة بالإنذار للحديث الوارد فيها وسببه ما صرح به في صحيح مسلم وغيره أنه أسلم طائفة من الجن بها وذهبت طائفة من العلماء إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد حتى تنذر .
وأما ما ليس في البيوت فيقتل من غير إنذار قال مالك يقتل ما وجد منها في المساجد قال القاضي وقال بعض العلماء الأمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بالنهي عن حيات البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنه يقتل على كل حال سواء كان في البيوت أم غيرها وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار قالوا ويخص من النهي عن قتل حيات البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين اه وهذا هو الذي يقتضيه العمل الصولي في مثل أحاديث الباب فالمصير إليه أرجح .
وأما صفة الاستئذان فقال القاضي روى ابن حبيب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يقول أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكن سليمان بن داود أن تؤذننا وإن تظهرن لنا وقال مالك يكفيه أن يقول أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن تبدو لنا ولا تؤذننا ولعل مالكا أخذ لفظ التحريج من لفظ الحديث المذكور . وتبويب الكصنف في هذا الباب فيه إشارة إلى أن الأمر بالقتل والنهي عنه من أصول التحريم .
قال المهدي في البحر أصول التحريم أما نص الكتاب أو السنة أو الأمر بقتله كالخمسة وما ضر من غيرها فمقيس عليها أو النهي عن قتله كالهدهد والخطاف والنحلة والوزغ والحرباء والجعلان وكالذباب والبعوض والزنبور والقمل والكتان والنامس والبق والبرغوث لقوله تعالى { يحرم عليهم الخبائث } وهي مستخبثة عندهم والقرآن نزل بلغتهم فكان استخباثهم طريق تحريم فإن استخبثه البعض اعتبر الأكثر والعبرة باستطابة هل السعة لا ذوي الفاقة اه . والحاصل أن الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة المذكورة في أول الكتاب وغيرها قد دلت على أن الأصل الحل وأن التحريم لا يثبت إلا إذا ثبت الناقل عن الأصل النعلوم وهو أحد الأمور المذكورة فما لم يرد فيه ناقل صحيح فالحكم بحله هو الحق كائنا ما كان وكذلك إذا حصل التردد فالمتوجه الحكم بالحل لأن الناقل غير موجود مع التردد ومما يؤيد أصالة الحل بالأدلة الخاصة استصحاب البراءة الأصلية