- قوله " واديا أو شعبا " الوادي هو المكان المنخفض وقيل الذي فيه ماء والمراد هنا بلدهم والشعب بكسر الشين المعجمة اسم لما انفرج بين جبلين .
وقيل الطريق في الجبل وأراد صلى الله عليه وآله وسلم بهذا وما بعده التنبيه على جزيل ما حصل لهم من ثواب النصرة والقناعة بالله ورسوله عن الدنيا ومن هذا وصفه فحقه أن يسلك طريقه ويتبع حاله .
قال الخطابي لما كانت العادة أن المرء يكون في نزوله وارتحاله مع قومه وأرض الحجاز كثيرة الأودية والشعاب فإذا تفرقت في السفر سلك كل قوم منهم واديا وشعبا فأراد أنه مع الأنصار .
قال ويحتمل أن يريد بالوادي المذهب كما يقال فلان في واد وأنا في في واد انتهى .
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأنصار في هذه الواقعة ومدحهم فمن جملة ما قاله لهم لولا الهجرة لكنت أمرا من الأنصار وقال الأنصار شعار والناس دثار كما في صحيح البخاري وغيره .
قوله : " حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن " أي أعطاه غنائم الذين قاتلهم منهم يوم حنين . وأصل الفيء الرد والرجوع ومنه سمى الظل بعد الزوال فيئا لأنه رجع من جانب إلى جانب فكأن أموال الكفار سميت فيئا لأنها كانت في الأصل للمؤمنين إذ الإيمان هو الأصل والكفر طارئ فإذا غلب الكفار على شيء من المال فهو بطريق التعدي فإذا غنمه المسلمون منهم فكأنه رجع إليهم ما كان لهم .
قوله : " فطفق يعطي رجالا " هم المؤلفة قلوبهم والمراد بهم ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلاما ضعيفا وقيل كان فيهم من لم يسلم بعد كصفوان بن أمية وقد اختلف في المراد بالمؤلفة الذين هم أحد المستحقين للزكاة فقيل كفار يعطون ترغيبا في الإسلام وقيل مسلمون لهم أتباع كفار يتألفونهم وقيل مسلمون أول ما دخلوا في الإسلام ليتمكن الإسلام من قلوبهم والمراد بالرجال الذين أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ههنا هم جماعة قد سرد أبو الفضل بن طاهر في المبهمات له أسماؤهم فقال هو أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام وأبو السنابل بن بعكك وصفوان بن أمية وعبد الرحمن بن يربوع وهؤلاء من قريش . وعيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس التميمي وعباس بن مرادس السلمي ومالك بن عوف النصري والعلاء بن حارثة الثقفي .
قال الحافظ في الفتح وفي ذكر الأخيرين نظر وقيل إنما جاءا طائعين من الطائف إلى الجعرانية وذكر الواقدي في المؤلفة معاوية ويزيد بن أبي سفيان وأسيد بن حارثة ومخرمة بن نوفل وسعيد بن يربوع وقيس بن عدي وعمرو بن وهب وهشام بن عمرو زاد بن إسحاق النضر بن الحرثبن هشام وجبير بن مطعم ومما ذكره أبو عمر سفيان بن عبد الأسد والسائب بن أبي السائب ومطيع بن الأسود وأبو جهم بن حذيفة وذكر ابن الجوزي فيهم زيد الخيل وعلقمة بن علاثة وحكيم بن طليق بن سفيان بن أمية وخالد بن قيس السهمي وعمير بن مرادس وذكر غيرهم فيهم قيس بن مخرمة وأحيحة بن أمية ابن خلف وأبي بن شريق وحرملة بن هوذة وخالد بن هوذة وعكرمة بن عامر العبدري وشيبة بن عثمان وعمرو بن ورقة ولبيد بن ربيعة والمغيرة بن الحارث وهشام بن الوليد المخزومي .
قوله : " أن يذهب الناس بالأموال " في رواية للبخاري " بالشاة والبعير " قوله " إلى رحالكم " بالحاء المهملة أي بيوتكم .
قوله : " قال رجل في رواية الأعمش فقال رجل من الأنصار وفي رواية الواقدي أنه اسمه معتب بن قشير من بني عمرو بن عوف وكان من المنافقين وفيه رد على مغلطاي حيث قال لم أر أحدا قال إنه من الأنصار إلا ما وقع في رواية الأعمشي وجزم بأنه حرقوص بن زهير السعدي المتقدم ذكره في باب ذكر الخوارج وتبعه ابن الملقن وأخطأ في ذلك فإن قصة حرقوص غير هذه كما تقدم .
قوله : " ما أريد فيها وجه الله " وفي رواية البخاري " ما أراد بهذا " قوله " رحم الله موسى " الخ فيه الأعراض عن عن الجاهل والصفح عن الأذى والتأسي بمن مضى من النظراء .
قوله : " ضلعهم " بفتح الضاد المعجمة واللام وهو الأعوجاج وفي أحاديث الباب دليل على أنه يجوز للإمام أن يؤثر بالغنائم أو ببعضها من كان مائلا من اتباعه إلى الدنيا تأليفا له واستجلابا بالطاعة وتقديمه على من كان من أجناده قوى الإيمان مؤثرا للآخرة على الدنيا