- حديث ابن عمر أخرجه أيضا الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد انتهى . ويزيد بن أبي زياد تكلم فيه غير واحد من الأئمة .
قوله : " الموبقات " أي المهلكات قال في القاموس وبق كوعد ووجل وورث وبوقا هلك كاستوبق وكمجلس المهلك والموعد والمجلس وواد في جهنم وكل شيء حال بين شيئين وأوبقه حبسه وأهلكه اه . ( وفي الحديث ) دليل على أن هذه السبع المذكورة من كبائر الذنوب والمقصود من إيراد الحديث ههنا هو قوله فيه " والتولي يوم الزحف " فإن ذلك يدل على الفرار من الكبائر المحرمة وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الفرار من موجبات الفسق .
قال في البحر مسألة ومهما حرمت الهزيمة فسق المنهزم لقوله تعالى { فقد باء بغضب من الله } وقوله " الكبائر سبع إلا متحرفا لقتال " وهو أن يرى القتال في غير موضعه أصلح وأنفع فينتقل إليه قال ابن عباس وكانت هزيمة المسلمين في أوطاس إنحرافا من مكان إلى مكان أو متحيزا إلى فئة وإن بعدت إذ لم تفصل الآية ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لأهل غزوة موتة أنا فئة كل مسلم الخبر ونحوه انتهى . ومن ذلك قوله في حديث الباب " أنا فئتكم وفئة المسلمين " والأصل في جواز ذلك قوله تعالى { ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } وقد جوزت الهادوية الفرار إلى منعة من جبل أو نحوه وإن بعدت ولخشية استئصال المسلمين أو ضرر عام للإسلام وأما إذا ظنوا أنهم يغلبون إذا لم يفروا ففي جواز فرارهم وجهان .
قال الإمام يحيى أصحهما أنه يجب الهرب لقوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ولا إذ قال له رجل يا رسول الله أرأيت لو انغمست في المشركين وقد تقدم في أول الجهاد وتقدم تفسير الآية .
قوله : " لما نزلت أن يكن منكم عشرون صابرون " الخ قال في البحر وكانت الهزيمة محرمة وإن كثر الكفار لقوله تعالى { فلا تولوهم الأدبار } ثم خفف عنهم بقوله { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } فأوجب على كل واحد مصابرة عشرة ثم خفف عنهم وأوجب على الواحد مصابرة اثنين بقوله { الآن خفف الله عنكم } الآية واستقر الشرع على ذلك فحينئذ حرمت الهزيمة لقول ابن عباس من فر من اثنين فقد فر ومن فر منثلاثة فلم يفر انتهى .
قوله : " فحاص الناس حيصة " بالمهملات .
قال ابن الأثير حصت عن الشيء حدت عنه وملت عن جهته هكذا قال الخطابي .
قال المصنف رحمة الله تعالى وقوله حاصوا أي حادوا حيدة ومنه قوله تعالى { ما لهم من محيص } ويروى جاضوا جيضة بالجيم والضاد المعجمتين وهو بمعنى حادوا انتهى .
قوله : " ثم قلنا لو دخلنا المدينة " الخ لفظ أبي داود فقلنا ندخل المدينة فنبيت فيها لنذهب ولا يرانا أحد فدخلنا فقلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن كانت لنا توبة أقمنا وإن كان غير ذلك ذهبنا فجلسنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل صلاة الفجر فلما خرج قمنا إليه فقلنا نحن الفرارون فأقبل إلينا فقال لا أنتم العكارون فدنونا فقبلنا يده فقال أنا فئة المسلمين .
قوله : " العكارون " بفتح العين المهملة وتشديد الكاف قيل هم الذين يعطفون إلى الحرب وقيل إذا حاد الإنسان عن الحرب ثم عاد إليها يقال قد عكر وهو عاكر وعكار .
قال في القاموس العكار الكرار العطاف واعتكر اختلطوا في الحرب والعكر رجع بعضه فلم يقدر على عدة انتهى