- الحديث الأول أخرجه أيضا ابن أبي شيبة وقد أراد المصنف بهذا الاستدلال لمذهب من قال إنه يجوز للجنب العبور في المسجد وهم ابن مسعود وابن عباس والشافعي وأصحابه واستدلوا على ذلك بقوله تعالى { إلا عابري سبيل } والعبور إنما يكون في محل الصلاة وهو المسجد لا في الصلاة وتقييد جواز ذلك بالسفر لا دليل عليه بل الظاهر أن المراد مطلق المار لأن المسافر ذكر بعد ذلك فيكون تكرارا يصان القرآن عن مثله وقد أخرج ابن جرير عن يزيد ابن أبي حبيب أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم إلى المسجد فكانت تصيبهم جنابة فلا يجدون الماء ولا طريق إليه إلا من المسجد فأنزل الله تعالى { ولا جنبا إلا عابري سبيل } وهذا من الدلالة على المطلوب بمحل لا يبقى بعده ريب .
وأما ما استدل به القائلون بعدم جواز العبور وهم العترة ومالك وأبو حنيفة وأصحابه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) وسيأتي فمع كونه فيه مقال سنبينه هو عام مخصوص بأدلة جواز العبور . وحمل الآية على من كان في المسجد وأجنب تعسف لم يدل عليه دليل