- حديث أبو عمر أخرجه أيضا أبو عوانة في صحيحه من طريق أيوب عن نافع عنه وأخرجه أيضا النسائي وأبو عوانة من وجه آخر عن عبد الله العمري عن نافع عنه أيضا بلفظ استعارت حليا .
قوله : " كانت مخزومية " اسمها فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمرو هي بنت أخي أبي سلمة بن عبد الأسد الصحابي .
قوله : " تستعير المتاع وتجحده " في رواية لعبد الرزاق بسند صحيح إلى أبي بكر ابن عبد الرحمن أن امرأة جاءت فقالت إن امرأة تستعير حليا فأعارتها فمكثت لا تراها فجاءت إلى التي استعارت لها تسألها فقالت ما استعرتك شيئا فرجعت إلى الأخرى فانكرت فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعاها فسألها فقالت والذي بعثك بالحق ما استعرت منها شيئا فقال اذهبوا إلى بيتها تجدوه تحت فراشها فأتوه وأخذوه فأمر بها فقطعت .
قوله : " فأتي أهلها أسامة فكلموه " وفي رواية للبخاري " أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " وجاء في رواية أن المخزومية المذكورة عاذت بأم سلمة وأخرج الحاكم موصولا وأبو داود مرسلا أنها عاذت بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستشكل ذلك بأن زينب ماتت في شهر جمادى من السنة السابعة من الهجرة وقصة المخزومية في غزوة الفتح سنة ثمان وقيل المراد زينب بنت أم سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتكون نسبتها إليه مجازا وجاء في رواية لعبد الرزاق أنها عاذت بعمرو بن أبي سلمة والجمع بين الروايات أنها عاذت بأم سلمة وابنتيها فشفعوا لها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يشفعهم فطلب الجماعة من قريش من أسامة الشفاعة ظنا منهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبل شفاعته لمحبته له .
قوله : " لا أراك تشفع في حد من حدود الله " فيه دليل على تحريم الشفاعة في الحدود وهو مقيد بما إذا كان قد وقع الرفع إلى الإمام لا قبل ذلك فإنه جائز وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث من مرسل حبيب ابن أبي ثابت أن النبي ؟ ؟ قال لأسامة لما تشفع لا تشفع في حد فإن الحدود إذا انتهت إلى فليست بمتروكة وقد قدمنا فيباب الحثعلى إقامة الحدود والنهي عن الشفاعة فيه ما فيه أكمل دلالة على الفرق بين الشفاعة في الحد قبل الرفع وبعده .
قوله : " إنما هلك من كان قبلكم " في رواية " إنما هلك بنو اسرائيل " وظاهر الحصر العموم وأنه لم يقع الهلاك لمن قبل هذه الأمة أو لبني اسرائيل إلا بهذا السبب وقيل الراد من هلك بسبب تضييع الحدود فيكون المراد بالعموم هذا النوع الخاص وفي حديث عائشة عند أبي الشيخ أنهم عطلوا الحدود عن الأغنياء وأقاموها على الضعفاء ومثله ما في حديث الباب أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه الخ .
وفي حديث ابن عباس أنهم كانوا يأخذون الدية من الشريف إذا قتل عمدا والقصاص من الضعيف قوله " فقطع يد المخزومية " فيه دليل على أنه يقطع جاحد العارية وإليه ذهب من لم يشترط في القطع أن يكون من الحرز وهو أحمد وإسحاق وزفر والخوارج كما سلف وبه قال أهل الظاهر وانتصر له ابن حزم . وذهب الجمهور إلى عدم وجوب القطع لمن جحد العارية واستدلوا على ذلك بأن القرآن والسنة أوجبا القطع على السارق والجاحد للوديعة ليس بسارق ورد بأن الجحد داخل في اسم السرقة لأنه هو والسارق لا يمكن الاحتراز منهما بخلاف المختلس والمنتهب كذا قال ابن القيم ويجاب عن ذلك بأن الخائن لا يمكن الاحتراز عنه لأنه آخذ المال خفية مع إظهار النصح كما سلف وقد دل الدليل على أنه لا يقطع وأجاب الجمهور عن أحاديث الباب المذكورة في المخزومية بأن الجحد للعارية وإن كان مرويا فيها من طريق عائشة وجابر وابن عمر وغيرهم لكنه ورد التصريح في الصحيحين وغيرهما بذكر السرقة وفي رواية من حديث ابن مسعود أنها سررقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه وأبو الشيخ وعلقه أبو داود والترمذي ووقع في مرسل حبيب بن أبي ثابت أنها سرقت حليا قالوا والجمع ممكن بأن يكون الحلى في القطيفة فتقرر أن المذكورة قد وقع منها السرق فذكر جحد العارية لا يدل على أن القطع كان له فقط ويمكن أن يكون ذكر الحجد لقصد التعريف بحالها وأنها كانت مشتهرة بذلك الوصف والقطع كان للسرقة كذا قال الخطابي وتبعه البيهقي والنووي وغيرهما ويؤيد ما في هذا حديث الباب من قوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما هلك من كان قبلكم بانه إذا سرق فيهم الشريف الخ فإن ذكر هذا عقب ذكر المرأة المذكورة يدل على أنه قد وقع منها السرقة ويمكن أن يجاب عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل ذلك الجحد منزلة السرق فيكون دليلا لمن قال أنه يصدق اسم السرق على جحد الوديعة ولا يخفى أن الظاهر من أحاديث الباب أن القطع كان لأجل ذلك الجحد كما يشعر به قوله في حديث ابن عمر بعد وصف القصة فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقطع يدها .
وكذلك بقية الألفاظ المذكورة ولا ينافي ذلك وصف المرأة في بعض الروايات بانها سرقت فإنه يصدق على جاحد الوديعة بأنه سارق كما سلف فالحق قطع جاحد الوديعة ويكون ذلك مخصصا للأدلة الدالة على اعتبار الحرز . ووجهه أن الحاجة الماسة بين الناس إلى العارية فلو علم المعيران المستعير إذا جحد لا شيء عليه لجر ذلك إلى سد باب العارية وهو خلاف المشروع