- الحديث الأول سكت عنه أبو داود وقال المنذري في اسناده عمر وبن شعيب وقد تقدم الكلام عليه ومن دون عمرو بن شعيب ثقات إلا محمد بن راشد المكحولي وقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي وضعفه ابن حبان وأبو زرعة .
قال الخطابي هذا الحديث لا أعرف أحدا قال به من الفقهاء . والحديث الثاني أخرجه أيضا اليزار والبيهقي والدارقطني وقال عشرون بنو لبون مكان قوله عشرون ابن مخاض . رواه كذلك من طريق أبي عبيدة عن أبيه بن مسعود موقوفا وقال هذا اسناد حسن . وضعف الأول من أوجه عديدة وتعقبه البيهقي بأن الدارقطني وهم فيه والجواد قد يعثر .
قال رأيته في جامع سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن عبد الله وعن ابن إسحاق عن علقمة عن عبد الله وعن عبد الرحمن بن مهدي عن يزيد بن هرون عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أبي عبيدة عن عبد الله وعند الجميع بنو مخاض .
قال الحافظ وقدره يعني البيهقي على نفسه بنفسه فقال وقد رأيته في كتاب ابن خزيمة وهو إمام من رواية وكيع عن سفيان فقال بنو لبون كما قال الدارقطني فانتفى أن يكون الدارقطني عثر وقد تكلم الترمذي على حديث ابن مسعود المذكور فقال لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روي عن عبد الله موقوفا وقال أبو بكر وهذا الحديث لا نعلمه روى عن عبد الله مرفوعا إلا بهذا الإسناد . وذكر الخطابي أن خشف بن مالك مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث وعدل الشافعي عن القول به لهذه العلة ولأن فيه بني مخاض ولا مدخل لبني المخاض في شيء من أسنان الصدقات .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة القسامة أنه ودى قتيل خيبر بمائة من الإبل الصدقة وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض وقال الدارقطني هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث وبسط الكلام في ذلك .
وقال لا نعلمه رواه إلا خفش بن مالك عن ابن مسعود وهو رجل مجهول لم يرو عنه إلا زيد بن جبير ثم قال لا نعلم أحدا رواه عن زيد بن حبير الاحجاج بن أرطأة وهو رجل مشهور بالتدليس وبأنه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه ثم ذكر أنه قد اختلف فيه على الحجاج بن أرطأة وقال البيهقي خشف بن مالك مجهول وقال الموصلي خشف بن مالك ليس بذلك وذكر له هذا الحديث .
قال المنذري بعد أن ذكر الخلاف فيه على الحجاج والحجاج غير محتج به وكذا قال البيهقي والصحيح أنه موقوف على عبد الله كما سلف ( وقد اختلف العلماء ) في دية الخطأ من الإبل بعد الأتفاق على أنها مائة فذهب الحسن البصري والشعبي والهادي والمؤيد بالله وأبو طالب إلى أنها تكون أرباعا ربعا جذاعا وربعا حقافا وربعا بنات لبون وربعا بنات مخاض وقد قدمنا تفسير هذه الأسنان في كتاب الزكاة . واستدلوا بحديث ذكره الأمير الحسين في الشفاء عن السائب ابن يزيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال دية الانسان خمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون بنات لبون وخمس وعشرون بنات مخاض .
وقد أخرجه أبو داود موقوفا على علي Bه من طريق عاصم بن ضمرة قال في الخطأ أرباعا فذكره وأخرجه أيضا أبو داود عن ابن مسعود موقوفا من طريق علقمة والأسود قالا قال عبد الله في الخطأ شبه العمد خمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنات لبون وخمس وعشرون بنات مخاض ولم أجد هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب حديثي فلينظر فيما ذكره صاحب الشفاء . وذهب ابن مسعود والزهري وعكرمة والليث والثوري . وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار ومالك والحنفية والشافعية إلى أن الدية تكون أخمسا خمسا جذاعا وخمسا حقاقا وخمسا بنات لبون وخمسا بنات مخاض وخمسا أبناء لبون . وحكى صاحب البحر عن أبي حنيفة أن النوع الخامس يكون أبناء مخاض وهو موافق لحديث الباب عن ابن مسعود مرفوعا والأول موافق للموقوف عن ابن مسعود كما ذكرنا وذهب عثمان بن عفان وزيد بن ثابت إلى أنها تكون ثلاثين جذعة وثلاثين حقة وعشرين ابن لبون وعشرين بنت مخاض وهذا الخلاف في دية الخطأ المحض وأما في دية العمد وشبهه نقد تقدم طرف من الخلاف في ذلك سيأتي الكلام عليه قريبا إن شاء الله تعالى