- حديث عمرو بن شعيب حسنه الترمذي وصححه ابن الجارود . وأثر عمر أخرجه أيضا البيهقي وأخرج ابن حزم في الإيصال من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال دية ثمانمائة درهم " وأخرجه أيضا الطحاوي وابن عدي والبيهقي وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة وروى البيهقي عن ابن مسعود وعلي عليه السلام إنهما كانا يقولان في دية المجوسي ثمانمائة درهم .
وفي إسناده ابن لهيعة .
وأخرج البيهقي أيضا عن عقبة بن عامر نحوه وفيه أيضا ابن لهيعة وروي نحو ذلك ابن عدي والبيهقي والطحاوي عن عثمان وفيه ابن لهيعة .
قوله : " عقل الكافر نصف دية المسلم " أي دية الكافر نصف دية المسلم فيه دليل على أن دية الكافر الذمي نصف دية المسلم وإليه ذهب مالك وذهب الشافعي والناصر إلى أن دية الكافر أربعة آلاف درهم والذي في منهاج النووي أن دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم ودية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم قال شارحه المحلي أنه قال بالأول عمر وعثمان وبالثاني عمر وعثمان أيضا وابن مسعود . ثم قال النووي في المنهاج وكذا وثني له امان يعني أن ديته دية مجوسي ثم قال والمذهب أن من لم يبلغه الإسلام إن تمسك بدين لم يبدل فديته دية دينه وإلا فكمجوسي وحكى في البحر عن زيد بن علي والقاسمية وأبي حنيفة وأصحابه إن دية المجوسي كالذمي وعن الناصر والإمام يحيى والشافعي ومالك إنها ثمانمائة درهم . وذهب الثوري والزهري وزيد بن علي وأبو حنيفة وأصحابه والقاسمية إلى أن دية الذمي كدية المسلم وروي عن أحمد أن ديته مثل دية المسلم إن قتل عمدا وإلا فنصف دية احتج من قال إن ديته ثلث دية المسلم بفعل عمر المذكورمن عدم رفع دية أهل الذمة وإنها كانت في عصره أربعة آلاف درهم ودية المسلم أثني عشر ألف درهم ويجاب عنه . بأن فعل عمر ليس بحجة على فرض عدم معارضته لما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف وهو هنا معارض للثابت قولا وفعلا وتمسكوا في جعل دية المجوسي ثلثي عشر دية المسلم بفعل عمر المذكور في الباب ويجاب عنه بما تقدم ويمكن الاحتجاج لهم بحديث عقبة بن عامر الذي ذكرناه فإنه موافق لفعل عمر لأن ذلك المقدار هو ثلثا عشر الدية إذ هي اثنا عشر ألف درهم وعشرها اثنا عشر ومائة وثلثا عشرها ثمانمائة ويجاب بأن اسناده ضعيف كما أسلفنا فلا يقوم بمثله حجة ( لا يقال ) أن الرواية لأنه لم يدرك عمر ولا عثمان .
قوله : " فإنه لو مات وديته " في هذا الحديث دليل على أنه إذا مات رجل بحد من الحدود لم يلزم الإمام ولا نائبه الأرش ولا القصاص إلا حد الشرب .
وقد أختلف أهل العلم في ذلك فذهب الشافعي وأحمد بن حنبل والهادي والقاسم والناصر وأبو يوسف ومحمد إلى أنه لا شيء فيمن مات بحد أو قصاص مطلقا من غير فرق بين حد الشرب وغيره وقد حكى النووي الإجماع على ذلك وفيه نظر فإنه قد قال أبو حنيفة وابن أبي ليلى أنها تجب الدية على العاقلة كما حكاه في البحر وأجابا بأن عليا لم يرفع هذه المقالة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل أخرجها مخرج الاجتهاد وكذلك يجاب عن رواية عبيد بن عمير أن عليا وعمر قالا من مات من حد أو قصاص فلا دية له الحق قتله ورواه بنحوه ابن المنذر عن أبي بكر واحتجا بأن اجتهاد بعض الصحابة لا يجوز به أهدار دم امرئ مسلم مجمع على أنه لا يهدر وقد أجيب عن هذا بأن الهدر ما ذهب بلا مقابل له ودم المحدود مقابل للذنب ورد بأن المقابل للذنب عقوبة لا تفضي إلى القتل وتعقب هذا الرد بأنه تسبب بالذنب إلى ما يفضي إلى القتل في بعض الأحوال فلا ضمان وأما من مات بتعزيز فذهب الجمهور إلى أنه يضمنه الأمام وذهبت الهادوية إلى أنه لا شئ فيه كالحد . وحكى النووي عن الجمهور من العلماء أنه لا ضمان فيمن مات بتعزيز لا على الإمام ولا على عاقلته ولا في بيت المال وحكى عن الشافعي أنه يضمنه الإمام ويكون على عاقلته .
قوله " لم يسنه " قد قدمنا الجمع بين هذا وبين روايته السابقة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جلد أربعين .
قوله : " فجلده ثمانين " هذا يخالف ما تقدم في أول الباب أن عليا أمر بجلده أربعين وظاهر هذه الرواية أنه جلده بنفسه وأن جملة الجلد ثمانون وقد جمع المصنف بين الروايتين بما ذكره من رواية أبي جعفر ولا بد من الجمع بمثل ذلك لأن حمل ذلك على تعدد الواقعة بعيد جدا فإن المحدود في القصتين واحد وهو الوليد بن عقبة وكان ذلك بين يدي عثمان في حضرة علي .
قوله : " نشوان " بفتح النون وسكون الشين قال في القاموس " رجل نشوان " ونشيان سكران بين النشوة انتهى .
قوله : " في دباءة " بضم الدال وتشديد الباء الموحدة واحدة الدباء وهي الآنية التي تتخذ منه .
قوله : " نهز " بضم النون وكسر الهاء بعدها زاي وهو الدفع باليد قال في القاموس نهزه كمنعه ضربه ودفعه .
قوله : " ونهى عن الزبيب والتمر " يعني أن يخلطا العامريين دية الحر المسلم وكان لهما عهد " وأخرج أيضا من وجه آخر أنه صلى الله عليه وآله وسلم جعل دية المعاهدين دية المسلم .
وأخرج أيضا عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودى ذميا دية مسلم " ويجاب عن حديث ابن عباس بأن في اسناده أبا سعيد البقال واسمه سعيد بن المرزبان ولا يحتج بحديثه والراوي عنه أبو بكر ابن عياش . وحديث الزهري مرسل ومراسيله قبيحة لانه حافظ كبير لا يرسل إلا لعلة . وحديث ابن عباس الآخر في اسناده أيضا أبو سعيد البقال المذكور وله طريق أخرى فيها الحسن بن عمارة وهو متروك وحديث ابن عمر في اسناده أبو كرز وهو أيضا متروك ومع هذه العلل فهذه الأحاديث معارضة بحديث الباب وهو أرجح منها من جهة صحته وكونه قولا وهذه فعلا والقول أرجح من الفعل وهو سلمنا صلاحيتها للاحتجاج وجعلناها مخصصة لعموم حديث الباب كان غاية ما فيها اخراج المعاهد ولا ضير في ذلك فإن بين الذمي والمعاهد فرقا لأن الذمي ذل ورضي بما حكم به عليه من الذلة بخلاف المعاهد فلم يرض بما حكم عليه به منها فوجب دمه وماله الضمان الاصلي الذي كان بين أهل الكفر وهو الدية الكاملة التي ورد الإسلام بتقريرها ولكنه يعكر على هذا ما وقع في رواية من حديث عمرو بن شعيب عند أبي داود بلفظ " دية المعاهد نصف دية الحر " وتخلص عن هذا بعض المتأخرين فقال أن لفظ المعاهد يطلق على الذمي فيحمل ما وقع في حديث عمرو بن شعيب عليه ليحصل الجمع بين الأحاديث ولا يخفى ما في ذلك من التكلف والراجح العمل بالحديث الصحيح وطرح ما يقابله ممالا أصل له في الصحة وأما ما ذهب إليه أحمد من التفصيل باعتبار العمد والخطأ فليس عليه دليل