- قوله ( بئر جمل ) بجيم وميم مفتوحتين وفي رواية النسائي بئر الجمل بالألف واللام وهو موضع بقرب المدينة .
قوله ( حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ) هو محمول على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان عادما للماء حال التيمم فإن التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادرين على استعماله قال النووي : ولا فرق بين أن يضيق وقت الصلاة وبين أن يتسع .
ولا فرق أيضا بين صلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما . وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور .
وقال أبو حنيفة : يجوز أن يتيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة والعيد إذا خاف فوتهما انتهى . وهو أيضا مذهب الهادوية .
وفي الحديث دلالة على جواز التيمم من الجدار إذا كان عليه غبار . قال النووي : وهو جائز عندنا وعند الجمهور من السلف والخلف . واحتج به من جوز التيمم بغير تراب . وأجيب بأنه محمول على جدار عليه تراب . وفيه دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل كسجود التلاوة والشكر ومس المصحف ونحوها كما يجوز للفرائض وهذا مذهب العلماء كافة قاله النووي .
وفي الحديث أن المسلم في حال قضاء الحاجة لا يستحق جوابا وهذا متفق عليه . قال النووي : ويكره للقاعد على قضاء الحاجة أن يذكر الله بشيء من الأذكار قالوا : فلا يسبح ولا يهلل . ولا يرد السلام . ولا يشمت العاطس . ولا يحمد الله إذا عطس . ولا يقول [ ص 267 ] مثل ما يقول المؤذن . وكذلك لا يأتي بشيء من هذه الأذكار في حال الجماع . وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه ولا يحرك به لسانه وهذا الذي ذكرناه من كراهة الذكر هو كراهة تنزيه لا تحريم فلا إثم على فاعله .
وإلى هذا ذهبت الشافعية والأكثرون وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وعطاء ومعبد الجهني وعكرمة وقال إبراهيم النخعي وابن سيرين : لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة ولا خلاف أن الضرورة إذا دعت إلى الكلام كما إذا رأى ضريرا يقع في بئر أو رأى حية تدنو من أعمى كان جائزا .
وقد تقدم طرف من هذا الحديث وطرف من شرحه في باب كف المتخلي عن الكلام .
قوله ( ومن الرخصة في ذلك حديث عبد الله بن سلمة عن علي ) سيذكره المصنف في باب تحريم القرآن على الحائض والجنب .
وفيه ( أنه كان لا يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة ) فأشعر بجواز قراءة القرآن في جميع الحالات إلا في حال الجنابة والقرآن أشرف الذكر فجواز غيره بالأولى . ومن جملة الحالات حالة الحدث الأصغر .
قوله ( وحديث ابن عباس بت عند خالتي ميمونة ) محل الدلالة منه قوله ثم قرأ العشر الآيات أولها { إن في خلق السماوات والأرض } إلى آخر السورة . قال ابن بطال ومن تبعه : فيه دليل على رد قول من كره قراءة القرآن على غير طهارة لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قرأ هذه الآيات بعد قيامه من النوم قبل أن يتوضأ وتعقبه ابن المنير وغيره بأن ذلك مفرع على أن النوم في حقه ينقض وليس كذلك لأنه قال تنام عيناي ولا ينام قلبي . وأما كونه توضأ عقب ذلك فلعله جدد الوضوء أو أحدث بعد ذلك فتوضأ قال الحافظ : وهو تعقب جيد بالنسبة إلى قول ابن بطال بعد قيامه من النوم لأنه لم يتعين كونه أحدث في النوم لكن لما عقب ذلك بالوضوء كان ظاهرا في كونه أحدث ولا يلزم من كون نومه لا ينقض وضوءه أن لا يقع منه حدث وهو نائم نعم خصوصيته أنه إن وقع شعر به بخلاف غيره وما ادعوه من التجديد وغيره الأصل عدمه وقد سبق الإسماعيلي إلى معنى ما ذكره ابن المنير