- حديث أبي هريرة قالا لحافظ في بلوغ المرام رجال ثقات . وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أيضا الطبراني في الكبير والأوسط . قال في مجمع الزوائد ورجال أحمد ثقات وحديث عمرو بن شعيب حسنه الترمذي ( وفي الباب ) عن عمرو بن الأحوص " أنه شهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال استوصوا في النساء خيرا فإنما هن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه . وعن ابن عباس عند أبي داود والنسائي قال " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن امرأتي لا تمنع يد لامس قال غربها قال أخاف أن تتبعها نفسي قال فاستمتع بها . قال المنذري ورجال إسناده يحتج بهم في الصحيحين . وذكر الدارقطني أن الحسن بن واقد تفرد به عن عمارة ابن أبي حفصة وأن الفضل بن موسى السيناني بكسر المهملة ثم التحتية ثم نونين بينهما ألف تفرد به عن الحسن بن واقد وأخرجه النسائي من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن عباس وبوب عليه في سننه تزويج الزانية . وقال هذا الحديث ليس بثابت وذكر أن المرسل فيه أولى بالصواب وقال الإمام أحمد يدلامس تعطي من ماله قلت فإن أبا عبيد يقول من الفجور قال ليس عندنا إلا أنها تعطى من ماله ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليأمره بإمساكها وهي تفجر . وسئل عنه ابن الأعرابي فقال من الفجور . وقال الخطابي معناه الزانية وأنها مطاوعة لمن أراد لا ترد يده . وعن جابر عند البيهقي بنحو حديث ابن عباس : قوله " الزاني المجلود " الخ هذا الوصف خرج مخرج الغالب باعتبار من ظهر منه الزنا وفيه دليل على أنه لا يحل للمرأة أن تتزوج من ظهر منه الزنا وكذلك لا يحل للرجل أن يتزوج بمن ظهر منها الزنا ويدل على ذلك الآية المذكورة في الكتاب لأن في آخرها { وحرم ذلك على المؤمنين } فإنه صرح في التحريم قال في نهاية المجتهد اختلفوا في قوله تعالى { وحرم ذلك على المرمنين } هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم وهل الإشارة في قوله ذلك على الزنا أو إلى النكاح قال وإنما صار الجمهور إلى حمل الآية على الذم لا على التحريم لحديث ابن عباس الذي قدمناه . وقد حكى في البحر عن علي وابن عباس وابن عمر وجابر وسعيد بن المسيب وعروة والزهري والعترة ومالك والشافعي وربيعة وأبي ثور أنها لا تحرم المرأة على من زنى بها لقوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } وقوله صلى الله عليه وآله وسلم " لا يحرم الحلال الحرام " أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عمر . وحكى عن الحسن البصري أنه يحرم على الرجل نكاح من زنى بها واستدل بالآية . وحكاه أيضا عن قتادة وأحمد الا إذا تابا لارتفاع سبب التحريم وأجاب عنه في البحر بأنه أراد بالآية الزاني المشرك واستدل على ذلك بقوله تعالى { أو مشركة } قال وهي تحرم على الفاسق المسلم بالإجماع . وأراد أيضا الزانية المشركة بدليل قوله أو مشرك وهو يحرم على الفاسقة المسلمة بالإجماع . ولا يخفى ما في هذا الجواب لأن حاصله أن المراد المشرك الزاني والمشركة الزانية وهذا تأويل يفضي إلى تعطيل فائدة الآية إذ منع النكاح مع المشرك والزنا حاصل بغير هذه الآية ويستلزم أيضا امتناع عطف المشرك والمشركة على الزاني والزانية إذ قد ألغى خصوصية الزنا وأيضا قد تقرر في الأصول إن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قال ابن القيم وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور وأخبر أن من نكحها فهو زان أو مشرك فهو إما أن يلتزم حكمه تعالى ويعتقد وجوبه عليه أولا فإن لم يعتقده فهو مشرك وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان ثم صرح بتحريمه فقال { وحرم ذلك على المؤمنين } وأما جعل الإشارة في قوله { وحرم ذلك } إلى الزنا فضعيف جدا إذ يصير معنى الآية الزاني لا يزني الا بزانية أو مشركة والزانية لا يزني بها الا زان أو مشرك وهذا مما ينبغي أن يصان عنه القرآن ولا يعارض ذلك حديث عمرو بن الأحوص .
وحديث ابن عباس المذكوران فإنهما في الأستمرار على نكاح الزوجة الزانية والآية وحديث أبي هريرة في ابتداء النكاح فيجوز للرجل أن يستمر على نكاح من زنت وهي تحته ويحرم عليه أن يتزوج بالزانية وأما ما ذكره المقبلي في المنار من أنه لا يصح أن يراد به لقوله لا ترد يد لامس الزنا بل عدم نفورها عن الريبة فقصر للفظ المحتمل على أحد المحتملات بغير دليل فالأولى أن ينزل ترك استفصاله صلى الله عليه وآله وسلم عن مراده بقوله لا ترد يدلامس منزلة العموم ولا ريب أن العرب تكنى بمثل هذه العبارة عن عدم العفة عن الزنا . وأيضا حديث عمرو بن الأحوص من أعظم الأدلة الدالة على جواز إمساك الزانية لقوله فيه " الا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن " الخ فتفسير حديث لا ترد يدلامس بغير الزنا لا يأتي بفائدة باعتبار محل النزاع . وقد حكى صاحب البحر عن الأكثر ان من زنت لم ينفسخ نكاحها . وحكى أيضا عن المؤيد بالله أنه يجب تطليقها ما لم تتب : قوله " إن مرثد " بفتح الميم وسكون الراء وفتح المثلثة بعدها دال مهملة . والغنوى بفتح الغين المعجمة وبعدها نون مفتوحة نسبة إلى غني بفتح الغين وكسر النون وهو غني بن يعصر وقال أعصر بن سعد بن قيس عيلان . عناق بفتح العين المهملة وبعدها نون وبعد الألف قاف . قال المنذري وللعلماء في الآية خمسة أقوال : أحدها أنها منسوخة قاله سعيد بن المسيب وقال الشافعي في الآية القول فيها كما قال سعيد أنها منسوخة وقال غيره الناسخ { وانكحوا الأيامي منكم } فدخلت الزانية في أيامي المسلمين وعلى هذا أكثر العلماء يقولون من زنى بامرأة فله أن يتزوجها ولغيره أن يتزوجها والثاني أن النكاح ههنا الوطء والمراد أن الزاني لا يطاوعه على فعله ويشاركه في مراده إلا زانية مثله أو مشركة لا تحرم الزنا وتمام الفائدة في قوله سبحانه { وحرم ذلك على المؤمنين } يعني الذين امتثلوا الأوامر واجتنبوا النواهي . الثالث أن الزاني المجلود لا ينكح إلا زانية مجلودة أو مشركة وكذلك الزانية . الرابع أن هذا كان في نسوة كان الرجل يتزوج إحداهن على أن تنفق عليه مما كسبته من الزنا واحتج بأن الآية نزلت في ذلك . الخامس أنه عام في تحريم نكاح الزانية على العفيف والعفيف على الزانية انتهى