- حديث أبي سعيد المقبري هو من رواية ابنه سعيد بن أبي سعيد وأخرجه ايضا البيهقي وأورده صاحب التلخيص وسكت عنه : قوله " أن سيرين " هو والد محمد ابن سيرين الفقيه المشهور وكنيته أبو عمرة وكان من سبى عين التمر اشتراه أنس في خلافته أبي بكر وروى عن عمر وغيره وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وموسى بن أنس الراوي عنه لم يدرك وقت سوال سيرين الكتابة من أنس . وقد رواه عبد الرزاق والطبراني من وجه آخر متصل من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت فأتى عمر بن الخطاب فذكره نحوه . وقد استدل بالآية المذكورة من قال بوجوب الكتابة وقد نقله ابن حزم عن مسروق والضحاك وزاد القرطبي معهما عكرمة وهو قول للشافعي وبه قالت الظاهرية واختاره ابن جرير الطبري وحكاه في البحر عن عطاء وعمرو ابن دينار . وقالإسحاق بن راهويه أنها واجبة إذا طلبها العبد وذهبت العترة والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى عدم الوجوب وأجابوا عن الآية بأجوبة منها ما قاله أبو سعيد الأصطخرى أن القرينة الصارفة للأمر المذكور آخر الآية أعني قوله تعالى { إن علمتم فيهم خيرا } فإنه وكل الاجتهاد في ذلك إلى المولى ومقتضاه أنه إذا رأى عدمه لم يجبر عليه فدل على أنه غير واجب . وقال غيره الكتابة عقد غرر فكان الأصل أن لا تجوز فلما وقع الإذن فيها كان أمرا بعد منع والأمر بعد المنع للإباحة ولا يرد على هذا كونها مستحية لأن استحبابها ثبت بأدلة أخرى قال القرطبي لما ثبت أن رقبة العبد وكسبه ملك لسيده دل على أن الأمر بالكتابة غير واجب لن قوله خذ كسبي وأعتقني يصير بمنزلة أعتقني بلا شيء وذلك غير واج اتفاقا . وأجاب عن الآية في البحر بأن القياس على المعاوضات صرفها عن الظاهر كالتخصيص ورد بأن القياس المذكور فاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص ويجاب بأن المراد بالقياس المذكور هو الأصل المعلوم من الأصول المقررة وهو صالح للصرف لا القياس الذي هو إلحاق أصل بفرع حتى يرد بما ذكر واستدل بفعل عمر المذكور في قصة أبي سعيد المقبري من لم يسترط التنجيم في الكتابة وهم أبو حنيفة ومالك والناصر والمؤيد بالله . وذهب الشافعي والهادي وأبو العباس وأبو طالب إلى اشتراط التأجيل والتنجيم واستدلوا على ذلك بأن الكتابة مشتقة من الضم وهو ضم بعض النجوم إلى بعض وأقل ما يحصل به الضم نجمان واحتجوا أيضا بما رواه ابن أبي شيبة عن علي بلفظ " إذا تتابع على المكاتب نجمان فلم يؤد نجومه رد إلى الرق " ولا يخفى أن مثل هذا لا ينتهض للاحتجاج به على الاشتراط أما أولا فلأنه قول الصحابي وأما ثانيا فليس فيه ما يشعر بأن ذلك على جهة الحتم والتأجيل في الأصل إنما جعل لأجل الرفق بالعبد لا بالسيد فإذا قدر العبد على التعجيل وتسليم المال دفعة فكيف يمنع من ذلك . والحاصل أن التنجيم جائز بالاتفاق كما حكي ذلك في الفتح وأما كونه شرطا أو واجبا فلا مستند له :