- قوله " لا نورث " بالنون وهو الذي توارد عليه أهل الحديث في القديم والحديث كما قال الحافظ في الفتح وما تركنا في موضع الرفع بالابتداء وصدقة خبره وقد زعم الرافضة أن لا نورث بالياء التحتانية وصدقة بالنصب على الحال وماتركناه في محل رفع على النيابة والتقدير لا يورث الذي تركناه حال كونه صدقة وهذا خلاف ما جاءت به الرواية ونقله الحافظ وما ذلك بأول تحريف من أهل تلك النحلة ويوضح بطلانه ما في حديث أبي هريرة المذكور في الباب بلفظ " فهو صدقة " وقوله " لا تقتسم ورثتي دينارا " وقوله " أن النبي لا يورث " ومما ينادى على بطلانه أيضا أن أبا بكر أحتج بهذا الكلام على فاطمة Bهما فيما ألتمسته منه من الذي خلفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأراضي وهما من أفصح الفصحاء وأعلمهم بمدلولات الألفاظ فلوكان اللفظ كما تقرؤه الروافض لم يكن فيما أحتج به أبو بكر حجة ولا كان جوابه مطابقا لسؤالها : قوله " أنشدكم الله " أي اسألك رافعا نشدتي أي صوتي وقد قدمنا الكلام على هذا التركيب ومعناه : قوله " ومؤنة عاملي " اختلف في المراد به فقيل هو الخليفة بعده . قال الحافظ وهذا هو المعتمد . وقيل يريد بذلك العامل على النخل وبه جزم الطبري وابن بطال وأبعده من قال المراد بعامله حافر قبره وقال ابن دحية في الخصائص المراد بعامله خادمه وقيل العامل على الصدقة . وقيل العامل فيها كالأخير ونبه بقوله دينارا بالأدنى على الأعلى وظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أن الأنبياء لا يورثون وإن جميع ما تركوه من الأموال صدقة ولا يعارض ذلك قوله تعالى { وورث سليمان داود } فإن المراد بالوراثة المذكورة وراثة العلم لا المال كما صرح بذلك جماعة من أئمة التفسير وقد استشكل ما وقع في الباب عن عمر أنه قال لعثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد وعلي والعباس " أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لا نورث ماتركناه صدقة فقالوا نعم " ووجه الاستشكال ان أصل القصة صريح في أن العباس وعليا قد علما بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال " لانورث " فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يطلبانه من أبي بكر وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر وأجيب يحمل ذلك على أنهما اعتقدا أن عموم لانورث مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض ولذلك نسب عمر إلى علي والعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما كما وقع في صحيح البخاري وغيره . وأما مخاصمتها بعد ذلك عند عمر فقال إسماعيل القاضي فيما رواه الدارقطني من طريقه لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف كذا قال لكن في رواية النسائي وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على انهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث ولفظه في آخره " ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا أريد نصيبي من ابن أخي ويقول هذا أريد نصيبي من امرأتي والله لا أقضي بينكما إلا بذلك " أي إلا بما تقدم من تسليمها لها على سبيل الولاية . وكذا وقع عند النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس نحوه وفي السنن لأبي داود وغيره أراد أن عمر يقسمها بينهما لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه فامتنع عمر من ذلك وأراد أن لا يقع عليهما اسم القسمة ولذلك أقسم على ذلك وعلى هذا اقتصر أكثر شراح الحديث واستحسنوه وفيه من النظر ما تقدم . وأعجب من ذلك جزم ابن الجوزي والنووي أنهما شرحا اللفظ الوارد في مسلم دون اللفظ الوارد في البخاري . وأما ما ثبت في الصحيح في قول عمر جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم بينهم لو كان هناك ميراث لا أنه أراد الغض منهما في هذا الكلام وزاد الإمامي عن ابن شهاب عند عمر بن شبة ما لفظه " فأصلحا أمركما وإلا لم يرجع والله إليكما " : قوله " ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعول " الخ فيه دليل على أنه يتوجب على الخليفة القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعول من كان الرسول صلوات الله عليه وآله وسلم يعوله وينفق على من كان الرسول ينفق عليه