- الحديث إسناده في سنن ابن ماجه هكذا حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرني عبد الملك أبو جعفر عن أبي نضرة عن سعد الأطول فذكره وعبد الملك هو أبو جعفر ولا يعرف اسم أبيه . وقيل أنه ابن أبي نضره وقد وثقه ابن حبان ومن عداه من رجال الإسناد فهم رجال الصحيح وأخرجه أيضا ابن سعد وعبد بن حميد وابن قانع والبارودي والطبراني في الكبير والضياء في المختارة وهو في مسند أحمد بهذا الإسناد فإنه قال حدثنا عفان فذكره وفيه دليل على تقديم اخراج الدين على ما يحتاج إليه من نفقة أولاد الميت ونحوها ولا أعلم في ذلك خلافا وهكذا يقدم الدين على الوصية . قال في الفتح ولم يختلف العلماء في أن الدين يقدم على الوصية الا في صورة واحده هي ما لو أوصى لشخص بالف مثلا وصدقه الوارث وحكم به ثم ادعى آخر أن له في دمة الميت دينا يستغرف موجوده وصدقه الوارث ففي وجه للشافعية انها تقدم الوصية على الدين في هذه الصورة الخاصة وأما تقديم الوصية على الدين في قوله تعالى { من بعد وصية يوصى بها أو دين } فقد قيل في ذلك ان الآية ليس فيها صيغة ترتيب بل المراد أن المواريث إنما تقع بعد قضاء الدين وانفاذ الوصية وأتى للإباحة وهي كقولك جالس زيدا أو عمرا أي لك مجالسة كل واحد منهما اجتمعا أو افترقا . وإنما قدمت لمعنى اقتضى الأهتمام بتقديمها واختلف في تعيين ذلك المعنى وحاصل ما ذكره أهل العلم من مقتضيات التقديم ستة أمور . أحدهما الخفة والثقل كربيعة ومضر فمضر أشرف من ربيعة لكن لفظ ربيعة لما كان أخف قدم في الذكر وهذا يرجع إلى اللفظ . ثانيهما بحسب الزمان كعاد وثمود . ثالثهما بحسب الطبع كثلاث ورباع رابعها بحسب الرتبة كالصلاة والزكاة لأن الصلاة حق البدن والزكاة حق المال فالبدن مقدم على البدن خامسها تقديم السبب على المسبب كقوله تعالى { عزيز حكيم } . وقال بعض السلف عز فلما عز حكم . سادسها بالشرف والفضل كقوله تعالى { من النبيين والصديقيين } وإذا تقرر ذلك فقد ذكر السهيلي ان تقديم الوصية في الذكر على الدين لأن الوصية إنما تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدين فإنه يقع غالبا بعد الميت بنوع تفريط فوقعت البداءة بالوصية لكونها أفضل . وقال غيره قدمت الوصية لأنها شيء يؤخذ بغير عوض والدين يؤخذ بعوض فكان اخراج الوصية أشق على الوارث من اخراج الدين وكان اداؤها مظنة للتفريط بخلاف الدين فإن الوارث مطمئن بإخراجه فقدمت الوصية لذلك وأيضا فهي حظ فقير ومسكين غالبا والدين غريم يطلبه بقوة وله مقال كما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " ان لصاحب الدين مقالا " وأيضا فالوصية ينشئها الموصي من قبل نفسه فقدمت تحرضا على العمل بها بخلاف الدين . قال الزين بن المنير تقديم الوصية في الذكر على الدين لا يقتضي تقديمها في المعنى لانهما معا قد ذكرا في سياق البعدية لكن الميراث يلي الوصية ولا يلي الدين في اللفظ بل هو بعد بعده فيلزم أن الدين يقدم في الأداء باعتبار القبلية فيقدم على الوصية وباعتبار البعدية فتقدم الوصية على الدين اه وقد اخرج أحمد والترمذي وغيرهما من طريق الحرث الأعور عن علي سلام الله ورضوانه قال قضى محمد أن الدين قبل الوصية وأنتم تقرءون الوصية قبل الدين والحديث وان كان إسناده ضعيفا لكنه معتضد بالأتفاق الذي سلف قال الترمذي إن العمل عليه عند أهل العلم : قوله " قد أديت عنه " فيه دليل على أنه يجوز للوصي أن يستقل بنفسه في قضاء ديون الميت لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر عليه ذلك . قال في البحر مسألة وللوصي استيفاء ديون الميت وايفاؤها اجماعا لنيابته عنه اه : قوله " فإنها محقة " لعله صلى الله عليه وآله وسلم حكم بعلمه أو بوحي