- حديث سعد سكت عنه أبو داود والمنذري . قال في الفتح ورجاله ثقات الا أن محمد بن عكرمة المخزومي لم يرو عنه الا إبراهيم بن سعد . قوله " وما سعد " بفتح السين وكسر العين المهملتين قيل معناه بما جاء من الماء سيحا لا يحتاج إلى ساقية وقيل معناه ما جاء من الماء من غير طلب . وقال الأزهري والسعيد النهر مأخوذ من هذا وسواعد النهر التي تنصب إليه مأخوذة من هذا وفي رواية ما صعد بالصاد بدل السين أي ما ارتفع من النبت بالماء دون ما سفل منه : قوله " بالذهب والفضة " فيه رد على طاوس حيث كره اجارة الأرض بالذهب والفضة كما روى عنه مسلم والنسائي عن طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قال كان طاوس يكره أن يؤاجر أرضه بالذهب والفضة ولا يرى بالثلث والربع بأسا فقال له مجاهدا ذهب إلى ابن رافع بن خديج فاسمع حديثه عن أبيه فقال لو أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنه لم أفعله ولكن حدثني من هو أعلم منه ابن عباس فذكر الحديث الذي ذكره المصنف . وللنسائي أيضا من طريق عبد الكريم عن مجاهد قال أخذت بيد طاوس فأدخلته إلى ابن رافع ابن خديج فحدثه عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كراء الأرض فأبى طاوس وقال سمعت ابن عباس لا يرى بذلك بأسا " وهذه الرواية عن طاوس تدل على أنه كان لا يمنع من كراء الأرض مطلقا وقد حكى صاحب الفتح عنه أنه يمنع مطلقا كما قدمنا . واستدل بهذا الحديث من جوز كراء الأرض بالذهب والفضة وقد تقدم ذكرهم وألحقوا بهما غيرهما من الأشياء المعلومة لأنهم رأوا أن محل النهي فيما لم يكن معلوما ولا مضمونا وفي هذا الحديث أيضا رد على من منع كراء الأرض مطلقا كما تقدم . قوله " وما ورد من النهي " الخ مثل حديث جابر عند أبي داود بلفظ " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله " وحديث زيد بن ثابت عند أبي داود قال " نهى رسول الله عن المخابرة " وقد تقدم . ومثل حديث جابر أيضا عند مسلم وأبي داود وابن ماجه بلفظ " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة " الحديث . ومثل حديث ثابت من الضحاك عند مسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المزارعة " وحديث رافع عند أبي داود " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن كراء الأرض " وأصله في الصحيحين ونحو هذه الأحاديث الواردة بالنهي على الأطلاق وقد ذكر المصنف في هذا الباب طرفا منها وأوردنا بعضا من ذلك فيما سلف وكلام المصنف هذا كلام حسن ولا بد من المصير إليه للجمع بين الأحاديث المختلفة وهو الذي رجحناه فيما سلف . قوله " لم ينه عنها " هذا لا ينافي رواية من روى النهي عنه صلى الله عليه وآله وسلم لأن المثبت مقدم على النافي ومن علم حجة على من لم يعلم ولكن قوله " لأن يمنح أحدكم أخاه خير له " الخ يصلح جعله قرينة لصرف النهي عن التحريم إلى الكراهة كما سلف . وقوله " يمنح " بفتح التحتية وسكون الميم وفتح النون بعدها حاء مهملة ويجوز كسر النون والمراد بجعلها منيحة أي عطية وعارية كما تقدم وهكذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حقيقته ما في الرواية الثانية عن ابن عباس من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض : قوله " فليزرعها أو ليحرثها " قد تقدم الكلام على هذا : قوله " فليمسك أرضه " قد قدمنا أن بعض العلماء كره تعطيل الأرض عن الزراعة لما ورد من النهي عن إضاعة المال وهذه الرواية والتي سلفت في حديث جابر يدلان على جواز ترك الأرض بغير زراعة وقد جمع بين الرواية القاضية بالنهي عن ذلك وبين ما هنا بحمل النهي عن الإضاعة على إضاعة عين المال أو المنفعة التي لا يخلفها منفعة والأرض إذا تركت بغير زرع لم تتعطل منفعتها فإنها تنبت من الحطب والحشيش وسائر الكلأ ما ينفع في الرعي وغيره وعلى تقدير أن لا يحصل ذلك فقد يكون التأخير للزرع عن الأرض اصلاحا لها فتخلف في السنة التي تليها ما لعله فات في سنة الترك وهذا كله ان حمل النهي على عمومه فاما لوحمل على ما كان مألوفا لهم من الكراء بجزء مما يخرج منها ولا سيما إذا كان غير معلوم فلا يستلزم ذلك تعطيل الانتفاع بها في الزراعة بل يكريها بالذهب أو الفضة كما تقرر ذلك . قوله " وبالاجماع تجوز الأجارة " الخ استدل المصنف C بهذا على ما ذكره من الندب لأن العارية إذا لم تكن واجبة بالإجماع من غير فرق بين المزارعة وغيرها لم يجب على الأنسان أن يزرع أرضه بنفسه أو يعيرها أو يعطلها بل يجوز له أمر رابع وهو الأجارة لأنها بالإجماع والعارية لا تجب بالإجماع فلا تجب عليه وإذا انتفى الوجوب بقي الندب