- الحديث هو عند أحمد وأصحاب السنن الثلاث وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم بلفظ : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاء فأفطر ) . قال معدان : فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له : أن أبا الدرداء أخبرني فذكره فقال : صدق أنا صببت عليه وضوء . قال ابن منده : إسناده صحيح متصل وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده قال الترمذي : جوده حسين المعلم وكذا قال أحمد وفيه اختلاف كثير ذكره الطبراني وغيره قال البيهقي : هذا حديث مختلف في إسناده فإن صح فهو محمول على القيء عامدا وقال في موضع آخر : إسناده مضطرب ولا تقوم به حجة وهو باللفظ الذي ذكره المصنف في جامع الأصول والتيسير منسوبا إلى أبي داود والترمذي .
والحديث استدل به على أن القيء من نواقض الوضوء وقد ذهب إلى ذلك العترة وأبو حنيفة وأصحابه وقيدوه بقيود : الأول كونه من المعدة والثاني كونه ملء الفم والثالث كونه دفعة واحدة . وذهب الشافعي وأصحابه والناصر والباقر والصادق إلى أنه غير ناقض . وأجابوا عن الحديث بأن المراد بالوضوء غسل اليدين ويرد بأن الوضوء من الحقائق الشرعية وهو فيها لغسل أعضاء الوضوء وغسل بعضها مجاز فلا يصار إليه إلا بعلاقة وقرينة قالوا : القرينة أنه استقاء بيده كما ثبت في بعض الألفاظ والعلاقة ظاهرة . وأجابوا أيضا بأنه فعل وهو لا ينتهض على الوجوب .
واستدل الأولون أيضا بحديث إسماعيل بن عياش الآتي بعد هذا وسيأتي أنه لا يصلح لذلك لما فيه من المقال الذي سنذكره واستدلوا بما في كتب الأئمة من حديث علي ( الوضوء كتبه الله علينا من الحدث قال صلى الله عليه وآله وسلم : بل من سبع ) وفيها ( ودسعة تملأ الفم ) قالوا : معارض بما في كتب الأئمة أيضا في الانتصار والبحر وغيرهما من حديث ثوبان قال : ( قلت يا رسول الله هل يجب الوضوء من القيء قال : لو كان واجبا لوجدته في كتاب [ ص 236 ] الله ) قال في البحر : قلنا مفهوم وحديثنا منطوق ولعله متقدم انتهى . والجواب الأول صحيح ولكنه لا يفيد إلا بعد تصحيح الحديث والجواب الثاني ( 1 ) من الأجوبة التي لا تقع لمنصف ولا متيقظ فإن كل أحد لا يعجز عن مثل هذه المقالة وهي غير نافقة في أسواق المناظرة وقد كثرت أمثال هذه العبارة في ذلك الكتاب .
_________ .
( 1 ) وهو أن العمل لا ينتهض على الوجوب