- الحديث له ألفاظ منا ما ذكره المصنف . ومنها بلفظ " الرهن مركوب ومحلوب " رواه الدارقطني والحاكم وصححه من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا . قال الحاكم لم يخرجاه لأن سفيان وغيره وقفوه على الأعمش وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على الأعمش وغيره ورجح الموقوف وبه جزم الترمذي وقال ابن أبي حاتم قال أبي رفعة يعني أبا معاوية مرة ثم ترك الرفع بعد روجح البيهقي أيضا الوقف : قوله " الظهر " أي ظهر الدابة . قوله " يركب " بضم أوله على البناء للمجهول لجميع الرواة كما قال الحافظ وكذلك يشرب وهو خبر في معنى الأمر كقوله تعالى { والولدات يرضعن } وقد قيل إن فاعل الركوب والشرب لم يتعين فيكون الحديث مجملا وأجيب بأنه لا إجمال بل المراد المرتهن بقرينة إن انتفاع الراهن بالعين المرهونة لأجل كونه مالكا والمراد هنا الانتفاع في مقابلة النفقة وذلك يختص بالمرتهن كما وقع التصريح بذلك في الرواية الأخرى . ويؤيده ما وقع عند حماد بن سلمة في جامعه بلفظ " إذا أرتهن شاة شرب المرتهن من لبنها بقدر علفها فإن استفصل من اللبن بعد ثمن العلف فهو ربا " ففيه دليل على أنه يجوز للمرتهن الأنتفاع بالرهن إذا قام بما يحتاج إليه ولو لم يأذن المالك وبه قال أحمد وإسحاق والليث والحسن وغيرهم وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وجمهور العلماء لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء بل الفوائد للراهن والمؤن عليه قالوا والحديث رد على خلاف القياس من وجهين أحدهما التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير أذنه . والثاني تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة . قال ابن عبد البر هذا الحديث عند جمهور الفقهاء ترده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها ويدل على نسخه حديث ابن عمر عند البخاري وغيره بلفظ " لاتحلب ماشية امرئ بغير إذنه " ويجاب عن دعوى مخالفة هذا الحديث الصحيح للأصول بأن السنة الصحيحة من جملة الأصول فلا ترد الا بمعارض أرجح منها بعد تعذر الجمع . وعن حديث ابن عمر بأنه عام وحديث الباب خاص فيبنى العام على الخاص والنسخ لا يثبت إلا بدليل يقضي بتأخر الناسخ على وجه يتعذر معه الجمع لا بمجرد الاحتمال مع الإمكان . وقال الأوزاعي والليث وأبو ثور أنه يتعين حمل الحديث على ما إذا امتنع الراهن من الأتفاق على المرهون فيباح حينئذ للمرتهن وأجود ما يحتج به للجمهور حديث أبي هريرة الآتي وستعرف الكلام عليه : قوله " الدر " بفتح الدال المهملة وتشديد الراء مصدر بمعنى الدارة أي لبن الدابة ذات الضرع . وقيل هو ههنا من إضافة الشيء إلى نفسه كقوله تعالى { حب الحصيد }