- الحديث روي عن عبد الله بن مسعود من طرق بألفاظ ذكر المصنف C بعضها . وقد أخرجه أيضا الشافعي من طريق سعيد بن سالم عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عمير عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود قد اختلف فيه على اسمعيل بن أميه ثم على ابن جريج . لقد اختلف في صحة سماع أبي عبيدة من أبيه . ورواه من طريق أبي عبيدة أحمد والنسائي والدارقطني وقد صححه الحاكم وابن السكن . ورواه أيضا الشافعي من طريق سفيان بن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود وفيه ايضا انقطاع لأن عونا لم يدرك ابن مسعود . ورواه الدارقطني من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن جده : وفيه اسمعيل بن عياش عن موسى بن عقبة . ورواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده عن ابن مسعود . وأخرجه أيضا من طريق محمد بن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن ابن مسعود ومحمد بن أبي ليلى لا يحتج به وعبد الرحمن لم يسمع من أبيه . ورواه ابن ماجه والترمذي من طريق عون بن عبد الله ايضا عن ابن مسعود وقد سبق أنه منقطع . قال البيهقي وأصح إسناد روي في هذا الباب رواية أبي العميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده ورواه أيضا الدارقطني من طريق القاسم ابن عبد الرحمن : قال الحافظ ورجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن اختلف في سماعه من أبيه . ورواية التراد زواها أيضا مالك بلاغا والترمذي وابن ماجه بإسناد منقطع ورواه أيضا الطبراني بلفظ " البيعان إذا اختلفا في البيع ترادا " قال الحافظ رواته ثقات لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح يعني الراوي له عن فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال وما أظنه حفظه فقد حزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيء موصول . ورواه أيضا النسائي والبيهقي والحاكم من طريق عبد الرحمن بن قيس بالإسناد الذي رواه عنه أبو داود كما سلف وصححه من هذا الوجه الحاكم وحسنه البيهقي ورواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن جده بلفظ " إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة ولا بينة لأحدهما تحالفا " ورواه من هذا الوجه الطبراني والدارمي وقد انفرد بقوله " والسلعة قائمة " محمد بن أبي ليلى ولا يحتج به كما عرفت لسوء حفظه . قال الخطابي إن هذه اللفظة يعني والسلعة قائمة لا تصح من طريق النقل مع احتمال أن يكون ذكرها من التغليب لأن أكثر ما يعرض النزاع حال قيام السلعة كقوله تعالى { في حجوركم } ولم يفرق أكثر الفقهاء في البيوع الفاسدة بين القائم والتالف انتهى .
وأبو وائل الراوي لقوله والبيع مستهلك كما في حديث الباب هو عبد الله بن بحير شيخ عبد الرزاق الصنعاني القاص وثقه ابن معين وقال ابن حبان يروى العجائب التي كأنها معمولة لا يحتج به وليس هذا المذكور عبد الله بن بحير ابن ريشان فإنه ثقة وعلى هذا فلا يقبل ما تفرد به أبو وائل المذكور . وأما قوله فيه تحالفا فقال الحافظ لم يقع عند أحد منهم وإنما عندهم والقول قول البائع أو يتراد ان البيع انتهى . قال ابن عبد البر أن هذا الحديث منقطع إلا أنه مشهور الأصل عند جماعة تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرا من فروعه وأعله ابن حزم بالإنقطاع وتابعه عبد الحق وأعله هو وابن القطان بالجهالة في عبد الرحمن وأبيه وجده . وقال الخطابي هذا حديث قد اصطلح الفقهاء على قبوله وذلك يدل على أن له أصلا وإن كان في إسناده مقال كما اصطلحوا على قبول لا وصية لوارث وإسناده فيه ما فيه انتهى . قوله " البيعان " أي البائع والمشتري كما تقدم في الخيار ولم يذكر الأمر الذي فيه الاختلاف وحذف المتعلق مشعر بالتعميم في مثل هذا المقام على ما تقرر في علم المعاني فيعم الأختلاف في المبيع والثمن وفي كل أمر فرجع إليهما وفي سائر الشروط المعتبرة والتصريح بالأختلاف في الثمن في بعض الروايات كما وقع في الباب لا ينافي هذا العموم المستفاد من الحذف . قوله " صاحب السلعة " هو البائع كما وقع التصريح به في سائر الروايات فلا وجه لما روى عن البعض إن رب السلعة في الحال هو المشتري . وقد استدل بالحديث من قال إن القول : قول البائع إذا وقع الأختلاف بينه وبين المشتري في أمر من الأمور المتعلقة بالعقد ولكن مع يمينه كما وقع في الرواية الآخرة وهذا إذا لم يقع التراضي على التراد فإن تراضيا على ذلك جاز بلا خلاف فلا يكون لهما خلاص عن النزاع إلا التفاسخ أو حلف البائع والظاهر عدم الفرق بين بقاء المبيع وتلفه لما عرفت من عدم انتهاض الرواية المصرح فيها باشتراط بقاء المبيع للاحتجاج والتراد مع التلف ممكن بأن يرجع كل واحد منهما بمثل المثلى وقيمة القيمي إذا تقرر لك ما يدل عليه هذا الحديث من كون القول قول البائع من غير فرق فاعلم أنه لم يذهب إلى العمل به في جميع صور الأختلاف أحد فيما أعلم بل اختلفوا في ذلك اختلافا طويلا على حسب ما هو مبسوط في الفروع ووقع الأتفاق في بعض الصور والأختلاف في بعض وسبب الاختلاف في ذلك ما سيأتي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " لأنه يدل بعمومه على ان اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي من غير فرق بين أن يكون أحدهما بائعا والآخر مشتريا أولا .
وحديث الباب يدل على أن القول قول البائع مع يمينه والبينة على المشتري من غير فرق بين أن يكون البائع مدعيا أو مدعى عليه فبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فيتعارضان باعتبار مادة الأتفاق وهي حيث يكون البائع مدعيا فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى الأمور الخارجية وحديث أن اليمين على المدعى عليه عزاه المصنف في كتاب الأقضية إلى أحمد ومسلم وهو أيضا في صحيح البخاري في الرهن وفي باب اليمين على المدعى عليه وفي تفسير آل عمران . وأخرجه الطبراني بلفظ " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " وأخرجه الإسماعيلي بلفظ " ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب " وأخرجه البيهقي بلفظ " لو يعطى الناس بدعواهم لا دعى رجال أموال قوم ودماءهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر " وهذه الألفاظ كلها في حديث ابن عباس ممن رام الترجيح بين الحديثين لم يصعب عليه ذلك بعد هذا البيان ومن أمكنة الجمع بوجه مقبول فهو المتعين