- قوله " ان زياد بن أبي سفيان وقع التحديث بهذا في زمن بني أمية وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد بن أبيه وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد وكانت امه سمية مولاة الحرث بن كلدة الثقفي وهي تحت عبيد المذكور فولدت زيادا على فراشه فكان ينسب إليه فلما كان أيام معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بان زيادا ولده فاستلحقه معاوية بذلك وخالف الحديث الصحيح " أن الولد للفراش وللعاهر الحج " وذلك لغرض دنيوين وقد انكر هذه الواقعة على معاوية من انكرها حتى قيلت فيها الاشعار منها قول القائل .
ألا بلغ معاوية بن حرب مغلغلة من الرجل اليماني .
أتغضب أن يقال أبوك عف وترضى أن يقال ابوك زاني .
وقد أجمع أهل العلم على تحريم نسبته إلى أبي سفيان وماوقع من أهل العلم في زمان بني أمية هوتقية وذكر أهل الأمهات نسبته إلى أبي سفيان في كتبهم مع كونهم لم يألفوها إلا بعد انقراض عصر بني أمية محافظة منهم على الألفاظ التي وقعت من الرواة في ذلك الزمان كما هو دأبهم . وقد وقع في صحيح مسلم ابن زياد مكان زياد وهو وهم نبه عليه الغساني ومن تبعه والصواب زياد . وكذا قال النووي وجميع من تكلم على صحيح مسلم . قوله " بيدي " فيه دفع التجوز بأن يظن ان الفتل وقع باذنها لو قالت فتلت فقط : قوله " مع أبي " بفتح الهمزة وكسر الموحدة الخفيفة يعني أبا بكر الصديق Bه واستفيد من ذلك ان وقت البعث كان في سنة تسع عام حجة أبي بكر بالناس ( وقد استدل ) بالحديثين على انه لا يحرم على من بعث بهدي شيء من الأمور التي تحل له وبه قال الجمهور . قال ابن عبد البر خالف ابن عباس في هذا جميع الفقهاء وتعقب بأنه قد قال بمقالته جماعة من الصحابة كانب عمر رواه عنه ابن أبي شيبة وابن المنذر وقيس بن سعد رواه عنه سعيد بن منصور وابن المنذر أيضا وعلي عليه السلام وعمر Bه رواه عنهما ابن أبي شيبة وابن المنذر أيضا . ومن غير الصحابة النخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون كما قال ابن المنذر ونقل الخطابي عن أصحاب الرأي مثل قول ابن عباس وهو خطأ عنهم ما قال الحافظ وإلى مثل قول ابن عباس ذهبت الهادوية وليس في قول ابن عباس ولا قول غيره من الصحابة حجة ولاسيما إذا عارض الثابت عنه صلى الله عليه وآله وسلم نعم احتجوا بما أخرجه أحمد والطحاوي والبزار من حديث جابر قال " كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال أني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على مكان كذا فليست فميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي " قال في الفتح وهذا لا حجة فيه لضعف إسناده ويجاب عنه بأنه قال في مجمع الزوائد بعد أن ذكره رجال أحمد ثقات وذكره من طريق أخرى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وإنما قال هكذا لان أحمد رواه عن عبد الرحمن بن عطاء أنه سمع ابني جابر يحدثان عن أبيهما فذكره . وعبد الرحمن وثقه النسائي وقواه أبو حاتم . وقال البخاري فيه نظر وبهذا يرد على المقبلي حيث قال إن هذا الحديث أخرجه ابن النجار وغالب أحاديثه الضعف والظاهر أنه لا أصل لهذا الحديث انتهى . وقد أخرج النسائي من حديث جابر أنهم كانوا إذا كانوا حاضرين مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة بعث الهدى فمن شاء أحرم ومن شاء ترك هكذا في جامع الأصول وبه يحصل الجمع بين الأحاديث