- حديث جابر الثاني رواه الترمذي من طريق عبد الله بن أبي زياد الكوفي في زيد بن حبان عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر . وقال هذا حديث غريب من حديث سفيان لا نعرفه الا من حديث زيد بن حبان ورأيت عبد الله ابن عبد الرحمن روى هذا الحديث في كتبه عن عبد الله ابن أبي زياد قال وسألت محمدا عن هذا فلم يعرفه من حديث الثوري عن جعفر عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورأيته لا يعد هذا الحديث محفوظا . وقال إنما يروي عن الثوري عن أبي إسحاق عن مجاهد مرسل ثم قال حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا حبان بن هلال حدثنا همام حدثنا قتادة قلت لانس " كم حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حجة واحجة واعتمر أربع عمر " ثم قال هذا حديث حسن صحيح وحبان بن هلال هو أبو حبيب البصري وثقه يحيى بن سعيد القطان . قوله " فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده " في مسند أحمد وسنن أبي داود " أنه صلى الله عليه وآله وسلم نحر ثلاثين بيده وأمره عليها فنحر سائرها " وقد قدمنا الترجيح بين الروايتين : قوله " وأشركه " ظاهره أنه اشركه في نفس الهدى قال القاضي عياض وعندي أنه لم يكن شريكا حقيقة بل أعطاه قدرا يذبحه قال والظاهر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحر البدن التي جاءت معه من المدينة وكانت ثلاثا وستين كما جاء في رواية الترمذي وأعطى عليا عليه السلام البدن التي جاءت معه من اليمن وهو تمام المائة . قوله " ببضعة " بفتح الباء لاغير وهي القطعة من اللحم . قوله " برة " بضم الباء وفتح الراء مخففة وهي حلقة تجعل في أنفي البعير . قوله " ولانرى إلا الحج " بضم النون أي نظن . قوله " بلحم بقر " قد استدل بهذه الأحاديث على أنه يجوز الأكل للمهد من الهدى الذي يسوقه قال النووي وأجمع العلماء على أن الاكل من هدى التطوع وأضحيته سنة انتهى . والظاهر أن يجوز الاكل منالهدي من غير فرق ما كان تطوعا وما كان فرضا لعموم قوله تعالى { فكوا منا } ولم يفصل التمسك بالقياس على الزكاة في عدم جواز الأكل من الهدى الواجب لا ينتهض لتخصيص هذا العموم لان شرع الزكاة لمواساة الفقراء إلى المالك اخراج لها عن موضوعها وليس شرع الدماء كذلك لأنها اما الجبر نقص أو لمجرد التبرع فلا قياس مع الفارق فلا تخصيص : قوله " لان عائشة كانت قارنة " قد اختلف فيما احرمت به عائشة أولا فقيل أنها عمرة مفردة لما ثبت عنها في الصحيح انها قالت فكنت ممن أهل بعمرة . وقيل انها احرمت بالحج أولا وكانت مفردة لما ثبت عنها في الصحيح " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا نرى إلا أنه الحج " وقد اطال ابن القيم الكلام على هذا وبين الراجح من القولين ودليل من قال أنها كانت قارنة الحديث المتقدم " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها يسعك غير قارنة لما ثبت في الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها وأهلي بالحج ودعى العمرة " وأجاب الجمهور بأنها لم ترفض العمرة لما في صحيح مسلم عن جابر " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها بعد أن أمرها أن تهل بالحج ففعلت ووقفت المواقف كلها حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة " وكذلك قوله " يسعك طوافك لحجك وعمرتك " وقد قدمنا تأويل قوله دعى العمرة وقد استدل بقول عائشة المذكور " نحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أزواجه " أن البقرة تجزى عن أكثر من سبعة وقد ثبت في رواية " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحر عن أزواجه بقرة " أخرجها النسائي وأبو داود وغيرهما وكذا في صحيح مسلم والظاهر أنه لم يتخلف أحد من زوجاته يومئذ وهن تسع ولكن لا يخفى ان مجرد هذا الظاهر لا تعارض به الأحاديث الصريحة الصحيحة السالفة المجمع على مدلولها