- الحديث الأول أخرجه ابن أبي شيبة ولكن لم يذكر المرفوع منه واقتصر على المراجعة التي فيه بين حذيفة وابن مسعود ولفظه ( أن حذيفة جاء إلى عبد الله فقال ألا أعجبك من قوم عكوف بين دارك ودار الأشعري يعني المسجد قال عبد الله فلعلهم أصابوا وأخطأت ) . فهذا يدل على أنه لم يستدل على ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أن عبد الله يخالفه ويجوز الاعتكاف في كل مسجد ولو كان ثم حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما خالفه وأيضا الشك الواقع في الحديث مما يضعف الاحتجاج أحد شقيه وقد استشهد بعضهم لحديث حذيفة بحديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما مرفوعا بلفظ ( تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ) . وهو متفق عليه ولكن فيه ما يشهد لحديث حذيفة لأن أفضلية المساجد الثلاثة واختصاصها بشد الرحال إليها لا تستلزم اختصاصها بالاعتكاف .
وقد حكى في الفتح عن حذيفة أن الاعتكاف يختص بالمساجد الثلاثة ولم يذكر هذا الحديث وحكى عن عطاء أنه يختص بمسجد مكة وعن ابن المسيب بمسجد المدينة : .
وقوله ( أو قال في مسجد جماعة ) قيل فيه دليل لمذهب أبي حنيفة وأحمد المتقدم . قوله ( بعض نسائه ) قال ابن الجوزي ما عرفنا من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كانت مستحاضة قال والظاهر أن عائشة أشارت بقولها من نسائه أي من النساء المتعلقات به وهي أم حبيبة بنت جحش أخت زينب ولكنه يرد عليه ما وقع في البخاري في كتاب الاعتكاف بلفظ امرأة مستحاضة من أزواجه ووقع في رواية سعيد بن منصور عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة وهذه الرواية تفيد تعيينها .
وقد حكى ابن عبد البر أن بنات جحش الثلاث كن مستحاضات زينب وحمنة وأم حبيبة ويدل على ذلك ما وقع عند أبي داود عن عائشة أنها قالت استحيضت زينب بنت جحش . وقد عد مغلطاي في المستحاضات سودة بنت زمعة وقد روى ذلك أبو داود تعليقا وذكر البيهقي أن ابن خزيمة أخرجه موصولا فهذه ثلاث مستحاضات من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قوله ( من الدم ) أي لأجل الدم .
( والحديث ) يدل على جواز مكث المستحاضة في المسجد وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد عند أمن التلويث ويلحق بها دائم الحدث ومن به جرح يسيل وقد تقدم البحث عن ذلك