وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

- قوله ( مسح رأسه ) زاد ابن الصباغ كله . وكذا في رواية ابن خزيمة .
قوله ( فأقبل بهما وأدبر ) قد اختلف في كيفية الإقبال والإدبار المذكور في الحديث فقيل يبدأ بمقدم الرأس الذي يلي الوجه ويذهب بهما إلى القفا ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهو مبتدأ الشعر . ويؤيد هذا قوله ( بدأ بمقدم رأسه ) إلا أنه يشكل على هذه الصفة .
قوله ( فأقبل بهما وأدبر ) لأن الواقع فيها بالعكس وهو أنه أدبر بهما وأقبل لأن الذهاب إلى جهة القفا إدبار . وأجيب بأن الواو لا تقتضي الترتيب والدليل على ذلك ما ثبت عند البخاري من رواية عبد الله بن زيد بلفظ : ( فأدبر بيديه وأقبل ) ومخرج الطريقين متحد فهما بمعنى واحد .
وأجيب أيضا بحمل قوله أقبل على البداءة بالقبل وقوله أدبر على البداءة بالدبر فيكون من تسمية الفعل بابتدائه وهو أحد القولين لأهل الأصول في تسمية الفعل هل يكون بابتدائه أو بانتهائه قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي . وقد أجيب بغير ذلك . وقيل يبدأ بمؤخر رأسه ويمر إلى جهة الوجه ثم يرجع إلى المؤخر محافظة على قوله أقبل وأدبر ولكنه يعارضه قوله بدأ بمقدم رأسه . وقيل يبدأ بالناصية ويذهب إلى ناحية الوجه ثم يذهب إلى جهة مؤخر الرأس ثم يعود إلى ما بدأ منه وهو الناصية . وفي هذه الصفة محافظة على قوله بدأ بمقدم رأسه وعلى قوله أقبل وأدبر فإن الناصية مقدم الرأس والذهاب إلى ناحية الوجه إقبال .
والحديث يدل على مشروعية مسح جميع الرأس وهو مستحب باتفاق العلماء قاله النووي وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره .
وقد ذهب إلى وجوبه أكثر العترة ومالك والمزني والجبائي وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وابن علية وقال الشافعي : يجزئ مسح بعض الرأس ولم يحده بحد قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي : وهو قول الطبري وقال أبو حنيفة الواجب الربع وقال النووي والأوزاعي والليث يجزئ مسح بعض الرأس ويمسح المقدم وهو قول أحمد وزيد بن علي والناصر والباقر والصادق . وأجاز الثوري والشافعي مسح الرأس بإصبع واحدة . واختلفت الظاهرية فمنهم من أوجب الاستيعاب ومنهم من قال يكفي البعض .
احتج الأولون بحديث الباب وحديث أنه مسح برأسه حتى بلغ القذال ( 1 ) عند [ ص 193 ] أحمد وأبي داود من حديث طلحة بن مصرف ورد بأن الفعل بمجرده لا يدل على الوجوب وفي حديث طلحة بن مصرف مقال سيأتي تحقيقه .
قالوا : قال الله تعالى { وامسحوا برؤوسكم } والرأس حقيقة اسم لجميعه والبعض مجاز ورد بأن الباء للتبعيض . وأجيب بأنه لم يثبت كونها للتبعيض وقد أنكره سيبويه في خمسة عشر موضعا من كتابه . ورد أيضا بأن الباء تدخل في الآلة والمعلوم أن الآلة لا يراد استيعابها كمسحت رأسي بالمنديل فلما دخلت الباء في الممسوح كان ذلك الحكم أعني عدم الاستيعاب في الممسوح أيضا قاله التفتازاني .
قالوا : جعله جار الله مطلقا وحكم على المطلق بأنه مجمع وبينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاستيعاب وبيان المجمل الواجب واجب . ورد بأن المطلق ليس بمجمل لصدقه على الكل والبعض فيكون الواجب مطلق المسح كلا أو بعضا وأيا ما كان وقع به الامتثال . ولو سلم أنه مجمل لم يتعين مسح الكل لورود البيان بالبعض عند أبي داود من حديث أنس بلفظ : ( أنه صلى الله عليه وآله وسلم أدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ) . وعند مسلم وأبي داود والترمذي من حديث المغيرة بلفظ : ( أنه صلى الله عليه وآله وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة ) .
قالوا : قال ابن القيم : إنه لم يصح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة ولكن كان إذا مسح بناصيته أكمل على العمامة قال : وأما حديث أنس فمقصود أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مس الشعر كله ولم ينف التكميل على العمامة وقد أثبته حديث المغيرة فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه . وأيضا قال الحافظ : إن حديث أنس في إسناده نظر . وأجيب بأن النزاع في الوجوب وأحاديث التعميم وإن كانت أصح وفيها زيادة وهي مقبولة لكن أين دليل الوجوب وليس إلا مجرد أفعال ورد بأنها وقعت بيانا للمجمل فأفادت الوجوب . والإنصاف أن الآية ليست من قبيل المجمل وإن زعم ذلك الزمخشري وابن الحاجب في مختصره والزركشي والحقيقة لا تتوقف على مباشرة آلة الفعل بجميع أجزاء المفعول كما لا تتوقف في قولك ضربت عمرا على مباشرة الضرب لجميع أجزائه فمسح رأسه يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض وليس النزاع في مسمى الرأس فيقال هو حقيقة في جميعه بل النزاع في إيقاع المسح على الرأس والمعنى الحقيقي للإيقاع يوجد بوجود المباشرة ولو كانت المباشرة الحقيقية لا توجد إلا بمباشرة الحال لجميع المحل لقل وجود الحقائق في [ ص 194 ] هذا الباب بل يكاد يلحق بالعدم فإنه يستلزم أن نحو ضربت زيدا أو أبصرت عمرا من المجاز لعدم عموم الضرب والرؤية وقد زعمه ابن جني منه وأورده مستدلا به على كثرة المجاز .
والحاصل أن الوقوع لا يتوقف وجود معناه الحقيقي على وجود المعنى الحقيقي لما وقع عليه الفعل وهذا هو منشأ الاشتباه والاختلاف فمن نظر إلى جانب ما وقع عليه الفعل جزم بالمجاز ومن نظر إلى جانب الوقوع جزم بالحقيقة وبعد هذا فلا شك في أولوية استيعاب المسح لجميع الرأس وصحة أحاديثه ولكن دون الجزم بالوجوب مفاوز وعقاب ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) القذال كسحاب جماع مؤخر الرأس ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية جمعه قذل واقذاله اه قاموس .
( 2 ) العقاب جمع عقبة مثل رقبة ورقاب والغريب من الشوكاني أن يستظهر وجوب تخليل الأصابع بما سبق من الأحاديث المضطربة المعلولة ويستبعد وجوب مسح الرأس بظاهر الآية وبيان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفعل الصحابة وما ورد في بعض الطرق أنه اقتصر على بعض الرأس في المسح من غير تكميل على العمامة . لا يخلو من مقال والله الموفق للصواب . والله أعلم