- الحديث الأول أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم والطبراني والبيهقي وصححه ابن السكن . قال أبو داود في السنن : قال مالك هذا الحديث كذب وقد أعل بالاضطراب كما قال النسائي لأنه روي كما ذكر المصنف . وروي عن عبد الله بن بسر وليس فيه عن أخته كما وقع لابن حبان . قال الحافظ : وهذه ليست بعلة قادحة فإنه أيضا صحابي وقيل عنه عن أبيه بسر . وقيل عنه عن أخته الصماء عن عائشة .
قال الحافظ : ويحتمل أن يكون عند عبد الله عن أبيه وعن أخته وعند أخته بواسطة قال : ولكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن الرواية وينبئ عن قلة ضبطه إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه وليس الأمر هنا كذا بل اختلف فيه أيضا على الراوي عبد الله بن بسر . وقد ادعى أبو داود أن هذا الحديث منسوخ قال في التلخيص : ولا يتبين وجه النسخ فيه ثم قال : يمكن أن يكون أخذه من كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر ثم في آخر الأمر قال خالفوهم والنهي عن يوم السبت يوافق الحالة الأولى وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية وهذه صورة النسخ والله أعلم انتهى .
وقد أخرج النسائي والبيهقي وابن حبان والحاكم عن كريب : ( أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثوه إلى أم سلمة يسألها عن الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر لها صياما فقالت يوم السبت والأحد فرجعت إليهم فكأنهم أنكروا ذلك فقاموا بأجمعهم إليها فسألوها فقالت صدق وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أريد أن أخالفهم ) وصحح الحاكم إسناده [ ص 340 ] وصححه أيضا ابن خزيمة .
وروى الترمذي من حديث عائشة قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس ) وسيأتي وقد جمع صاحب البدر المنير بين هذه الأحاديث فقال : النهي متوجه إلى الإفراد والصوم باعتبار انضمام ما قبله أو بعده إليه ويؤيد هذا ما تقدم من إذنه صلى الله عليه وآله وسلم لمن صام الجمعة أن يصوم السبت بعدها والجمع مهما أمكن أولى من النسخ .
والحديث الثاني حسنه الترمذي . وقال ابن عبد البر : هو صحيح ولا مخالفة بينه وبين الأحاديث السابقة وأنه محمول على أنه كان يصله بيوم الخميس . وروى بسنده إلى أبي هريرة أنه قال : ( من صام الجمعة كتب له عشرة أيام من أيام الآخرة لا يشاكلهن أيام الدنيا ) وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفطرا يوم الجمعة قط ) وقد تقدم الكلام على صوم يوم الجمعة .
قوله : ( أو لحاء شجرة ) اللحاء بكسر اللام بعدها حاء مهملة قشر الشجر