- حديث خالد بن عدي أخرجه أيضا أبو يعلى والطبراني في الكبير قال في مجمع الزوائد : ورجال أحمد رجال الصحيح .
قوله : ( ولا إشراف نفس ) الإشراف بالمعجمة التعرض للشيء والحرص عليه من قولهم أشرف على كذا إذا تطاول وقيل للمكان المرتفع مشرف لذلك . قال أبو داود : سألت أحمد عن إشراف النفس فقال : بالقلب وقال يعقوب بن محمد : سألت أحمد عنه فقال : هو أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا . وقال الأثرم : يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك .
قوله : ( يعطيني ) سيأتي ما يدل على أن عطية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر بسبب العمالة كما في حديث ابن السعدي ولهذا قال الطحاوي ليس معنى هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال وليست هي من جهة الفقر ولكن شيء من الحقوق فلما قال عمر أعطه من هو أفقر إليه مني لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر قال : ويؤيده قوله في رواية شعيب : ( خذه فتموله ) فدل على أنه ليس من الصدقات .
( واختلف العلماء ) فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب على ثلاثة مذاهب حكاها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بعد إجماعهم على أنه مندوب . قال النووي : الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه مستحب في غير عطية السلطان وأما عطية السلطان يعني الجائر فحرمها قوم وأباحها آخرون وكرهها قوم والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت وكذا إن أعطى من لا يستحق وإن لم يغلب الحرام فمباح إن [ ص 230 ] لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الأخذ .
وقالت طائفة : الأخذ واجب من السلطان وغيره وقال آخرون : هو مندوب في عطية السلطان دون غيره . وحديث خالد بن عدي يرده . قال الحافظ : ويؤيده حديث سمرة في السنن إلا أن يسأل ذا سلطان قال : والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالا فلا ترد عطيته ومن علم كون ماله حراما فتحرم عطيته ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع ومن أباحه أخذ بالأصل انتهى .
قال ابن المنذر : واحتج من رخص بأن الله تعالى قال في اليهود { سماعون للكذب أكالون للسحت } وقد رهن الشارع صلى الله عليه وآله وسلم درعه عند يهودي مع علمه بذلك . وكذا أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة . قال الحافظ : وفي حديث الباب إن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجها وإن كان غيره أحوج إليه منه وأن رد عطية الإمام ليس من الأدب ولا سيما من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى { وما آتاكم الرسول فخذوه } .
قوله : ( من هو أفقر إليه مني ) ظاهره أن عمر لم يكن غنيا لأن صيغة أفعل تدل على الاشتراك في الأصل وهو الافتقار إلى المال ولكن ظاهر أمره صلى الله عليه وآله وسلم له بالأخذ إذا لم يكن مستشرفا ولا سائلا أنه لا فرق بين كونه غنيا أو فقيرا وهكذا في قبول المال من غير سلطان لا فرق فيه بين الغني والفقير على ظاهر حديث خالد بن عدي وسيكرر المصنف حديث خالد بن عدي هذا في كتاب الهبة ونذكر بقية الكلام عليه هنالك إن شاء الله تعالى