- حديث مالك بن هبيرة في إسناده محمد بن إسحاق رواه عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن مالك وفيه مقال معروف إذا عنعن . وقد حسن الحديث الترمذي . وقال : رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق وروى إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق هذا الحديث وأدخل بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلا ورواية هؤلاء أصح عندنا قال : وفي الباب عن عائشة وأم حبيبة وأبي هريرة ثم ذكر حديث عائشة بنحو اللفظ الذي ذكره المصنف من طريق ابن أبي عمر عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب . وعن أحمد بن منيع وعلي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة ثم قال : حسن صحيح وقد وقفه بعضهم ولم يرفعه . قال النووي : من رفعه ثقة وزيادة الثقة مقبولة . وحديث ابن عباس أخرجه أيضا ابن ماجه .
وحديث أنس أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم من طريق حماد ابن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا . ولأحمد من حديث أبي هريرة نحوه وقال ثلاثة بدل أربعة . وفي إسناده رجل لم يسم وله شاهد من مراسيل بشير بن كعب أخرجه أبو مسلم الكجي .
قوله : ( يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف ) فيه دليل على أن من صلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين غفر له وأقل ما يسمى صفا رجلان ولا حد لأكثره .
قوله : ( يبلغون مائة ) فيه استحباب تكثير جماعة الجنازة ويطلب [ ص 95 ] بلوغهم إلى هذا العدد الذي يكون من موجبات الفوز وقد قيد ذلك بأمرين : .
الأول أن يكونوا شافعين فيه أي مخلصين له الدعاء سائلين له المغفرة . الثاني : أن يكونوا مسلمين ليس فيهم من يشرك بالله شيئا كما في حديث ابن عباس قال القاضي : قيل هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا عن ذلك فأجاب كل واحد عن سؤاله .
قال النووي : ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بقبول شفاعة مائة فأخبر به ثم بقبول شفاعة أربعين فأخبر به ثم ثلاثة صفوف وإن قل عددهم فأخبر به . قال : ويحتمل أيضا أن يقال هذا مفهوم عدد ولا يحتج به جماهير الأصوليين فلا يلزم من الأخبار عن قبول شفاعة مائة منع قبول ما دون ذلك وكذا في الأربعين مع ثلاثة صفوف وحينئذ كل الأحاديث معمول بها وتحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين .
قوله : ( أربعة أبيات ) ليس عند ابن حبان والحاكم لفظ أبيات وفيه أن شهادة أربعة من جيران الميت من موجبات مغفرة الله تعالى له . ويؤيد ذلك ما أخرجه البخاري وغيره عن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا : وثلاثة قال : وثلاثة فقلنا : واثنان قال : واثنان ثم لم نسأله عن الواحد ) .
قال الزين ابن المنير : إنما لم يسأله عمر عن الواحد استبعادا منه أن يكتفى في مثل هذا المقام العظيم بأقل من النصاب .
قال الداودي : المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم ولا من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل . وقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أنس قال : ( مر بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال : وجبت ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال : وجبت فقال عمر : ما وجبت قال : هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض ) هذا لفظ البخاري . وفي مسلم وجبت وجبت وجبت ثلاثا في الموضعين .
قال النووي : قال بعضهم معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقا للواقع فهو من أهل الجنة فإن كان غير مطابق فلا وكذا عكسه .
قالوا : والصحيح أنه على عمومه وأن من مات فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة وهذا الإلهام يستدل [ ص 96 ] به على تعيينها وبهذا تظهر فائدة الثناء انتهى .
قال الحافظ : وهذا في جانب الخير واضح وأما في جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك لكن إنما يقع ذلك في حق من غلب شره على خيره وقد وقع في رواية من حديث أنس المتقدم : ( إن لله D ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر )