- قوله ( خمس من الفطرة ) قد تقدم الكلام فيه في أول أبواب السواك والمراد بقوله خمس من الفطرة في حديث الباب أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة .
وقد رد البيضاوي الفطرة في حديث الباب إلى مجموع ما ورد في معناه مما تقدم فقال : هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي ينطوون عليها وسوغ الابتداء بالنكرة في قوله خمس أنه صفة موصوف محذوف والتقدير خصال خمس ثم فسرها أو على الإضافة أي خمس خصال ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير الذي شرع لكم خمس .
قوله ( الاستحداد ) هو حلق العانة سمي استحدادا لاستعمال الحديدة وهي الموسى وهو سنة بالاتفاق ويكون بالحلق والقص والنتف والنورة . قال النووي : والأفضل الحلق والمراد بالعانة الشعر فوق ذكر الرجل وحواليه وكذلك الشعر حول فرج المرأة .
ونقل عن أبي العباس ابن [ ص 134 ] سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر . قال النووي : فيحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما انتهى .
وأقول : الاستحداد إن كان في اللغة حلق العانة كما ذكره النووي فلا دليل على سنية حلق الشعر النابت حول الدبر وإن كان الاحتلاق بالحديد كما في القاموس فلا شك أنه أعم من حلق العانة ولكنه وقع في مسلم وغيره بدل الاستحداد في حديث ( عشر من الفطرة حلق العانة ) فيكون مبينا لإطلاق الاستحداد في حديث ( خمس من الفطرة ) فلا يتم دعوى سنية حلق شعر الدبر أو استحبابه إلا بدليل ولم نقف على حلق شعر الدبر من فعله صلى الله عليه وآله وسلم ولا من فعل أحد من أصحابه .
قوله ( والختان ) اختلف في وجوبه وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا . والختان قطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف جميع الحشفة وفي المرأة قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج .
قوله ( وقص الشارب ) هو سنة بالاتفاق والقاص مخير بين أن يتولى ذلك بنفسه أو يوليه غيره لحصول المقصود بخلاف الإبط والعانة وسيأتي مقدار ما يقص منه في باب أخذ الشارب .
قوله ( ونتف الإبط ) هو سنة بالاتفاق أيضا قال النووي : الأفضل فيه النتف إن قوي عليه ويحصل أيضا بالحلق والنورة .
وحكى عن يونس بن عبد الأعلى قال : دخلت على الشافعي وعنده المزين يحلق إبطه فقال الشافعي : علمت أن السنة النتف ولكن لا أقوى على الوجع . ويستحب أن يبدأ بالإبط الأيمن لحديث التيمن وفيه ( كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ) وكذلك يستحب أن يبدأ في قص الشارب بالجانب الأيمن لهذا الحديث .
قوله ( تقليم الأظفار ) وقع في الرواية الآتية في صحيح مسلم وغيره ( قص الأظفار ) وهو سنة بالاتفاق أيضا والتقليم تفعيل من القلم وهو القطع . قال النووي : ويستحب أن يبدأ باليدين قبل الرجلين فيبدأ بمسبحة يده اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام ثم يعود إلى اليسرى فيبدأ بخنصرها ثم ببنصرها إلى آخره ثم يعود إلى الرجل اليمنى فيبدأ بخنصرها ويختم بخنصر اليسرى انتهى ( 1 ) .
_________ .
( 1 ) وفيه نظر لأن الاستحباب حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل وليس عندنا في ذلك شيء يثبت من فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا فعل أصحابه إلا ما ورد من حبه عليه السلام للتيامن فقط وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس وأما الترتيب في الأصابع على الصفة التي ذكرها فلعله من استحسانه والله يغفر له . وسبقه إلى ذلك الغزالي وذكر حديثا لا أصل له وأنكر عليه الإمام المازري المالكي وغيره والله أعلم