- الحديث الأول أخرجه أيضا الدارقطني وقال : وقفه عليها هو الصواب . والحديث الثاني حسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات قال الترمذي : وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال : إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظيم الناس . وقال الخطابي في معنى الحديث : إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض لا شيء عليهم من وزر أو عيب وكذلك في الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة ليس عليهم إعادة . وقال غيره : فيه الإشارة إلى أن يوم الشك لا يصام احتياطا وإنما يصوم يوم يصوم الناس . وقيل فيه الرد على من يقول إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز له أن يصوم به ويفطر دون من لم يعلم . وقيل إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته أنه لا يكون هذا صوما له كما لم يكن للناس ذكر هذه الأقوال المنذري في مختصر السنن .
وقد ذهب إلى الأخير محمد بن الحسن الشيباني قال : إنه يتعين على المنفرد برؤية هلال الشهر حكم الناس في الصوم والحج وإن خالف ما تيقنه وروى مثل ذلك عن عطاء والحسن والخلاف في ذلك للجمهور فقالوا : يتعين عليه حكم نفسه فيما تيقنه وفسروا الحديث بمثل ما ذكر الخطابي . وقيل في معنى الحديث : إنه إخبار بأن الناس [ ص 384 ] يتحزبون أحزابا ويخالفون الهدي النبوي فطائفة تعمل بالحساب وعليه أمة من الناس وطائفة يقدمون الصوم والوقوف بعرفة وجعلوا ذلك شعارا وهم الباطنية وبقي الهدى النبوي الفرقة التي لا تزال ظاهرة على الحق فهي المرادة بلفظ الناس في الحديث وهي السواد الأعظم ولو كانت قليلة العدد