- حديث عمرو بن شعيب قال العراقي : إسناده صالح . ونقل الترمذي في العلل المفردة عن البخاري أنه قال : إنه حديث صحيح .
وحديث عمرو بن عوف أخرجه أيضا الدارقطني وابن عدي والبيهقي وفي إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال الشافعي وأبو داود : إنه ركن من أركان الكذب . وقال ابن حبان : له نسخة موضوعة عن أبيه عن جده وقد تقدم الكلام عليه . قال الحافظ في التلخيص : وقد أنكر جماعة تحسينه على الترمذي وأجاب النووي في الخلاصة عن الترمذي في تحسينه فقال : لعله اعتضد بشواهد وغيرها انتهى . قال العراقي : والترمذي إنما تبع في ذلك البخاري فقد قال في كتاب العلل المفردة : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال : ليس في هذا الباب شيء أصح منه وبه أقول انتهى .
وحديث سعد المؤذن وهو سعد القرظ أخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن رسول [ ص 367 ] الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أبيه عن جده : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة ) قال العراقي : وفي إسناده ضعف .
( وفي الباب ) عن أبي موسى الأشعري وحذيفة عند أبي داود أن سعيد بن العاص سألهما كيف كان رسول الله A يكبر في الأضحى والفطر فقال أبو موسى : كان يكبر أربعا تكبيره على الجنازة فقال حذيفة : صدق قال البيهقي : خولف راويه في موضعين في رفعه وفي جواب أبي موسى والمشهور أنهم أسندوه إلى ابن مسعود فأفتاهم بذلك ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وعن عبد الرحمن بن عوف عند البزار في مسنده قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تخرج له العنزة في العيدين حتى يصلي إليها فكان يكبر ثلاث عشرة تكبيرة وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك ) وفي إسناده الحسن البجلي وهو لين الحديث . وقد صحح الدارقطني إرسال هذا الحديث .
وعن ابن عباس عند الطبراني في الكبير : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكبر في العيدين ثنتي عشرة تكبيرة في الأولى سبعا وفي الآخرة خمسا ) وفي إسناده سليمان بن أرقم وهو ضعيف .
وعن جابر عند البيهقي قال : ( مضت السنة أن يكبر للصلاة في العيدين سبعا وخمسا ) .
وعن ابن عمر عند البزار والدارقطني قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : التكبير في العيدين في الركعة الأولى سبع تكبيرات وفي الآخرة خمس تكبيرات ) وفي إسناده فرج بن فضالة وثقه أحمد وقال البخاري ومسلم : منكر الحديث .
وعن عائشة عند أبي داود : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات ) وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف . وذكر الترمذي في كتاب العلل أن البخاري ضعف هذا الحديث وزاد ابن وهب في هذا الحديث ( سوى تكبيرتي الركوع ) وزاد إسحاق ( سوى تكبيرة الافتتاح ) ورواه الدارقطني أيضا .
( وقد اختلف ) العلماء في عدد التكبيرات في صلاة العيد في الركعتين وفي موضع التكبير على عشرة أقوال : .
أحدها : أنه يكبر في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الثانية خمسا قبل القراءة . قال العراقي : وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة قال : وهو مروي عن [ ص 368 ] عمر وعلي وأبي هريرة وأبي سعيد وجابر وابن عمر وابن عباس وأبي أيوب وزيد بن ثابت وعائشة وهو قول الفقهاء السبعة من أهل المدينة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومكحول وبه يقول مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق قال الشافعي والأوزاعي وإسحاق وأبو طالب وأبو العباس : إن السبع في الأولى بعد تكبيرة الإحرام .
القول الثاني : أن تكبيرة الإحرام معدودة من السبع في الأولى وهو قول مالك وأحمد والمزني وهو قول المنتخب .
القول الثالث : إن التكبير في الأولى سبع وفي الثانية سبع روي ذلك عن أنس بن مالك والمغيرة بن شعبة وابن عباس وسعيد بن المسيب والنخعي .
القول الرابع : في الأولى ثلاث بعد تكبيرة الإحرام قبل القراءة وفي الثانية ثلاث بعد القراءة وهو مروي عن جماعة من الصحابة ابن مسعود وأبي موسى وأبي مسعود الأنصاري وهو قول الثوري وأبي حنيفة .
والقول الخامس : يكبر في الأولى ستا بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة وفي الثانية خمسا بعد القراءة وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل ورواه صاحب البحر عن مالك .
القول السادس : يكبر في الأولى أربعا غير تكبيرة الإحرام وفي الثانية أربعا وهو قول محمد بن سيرين وروى عن الحسن ومسروق والأسود والشعبي وأبي قلابة وحكاه صاحب البحر عن ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن العاص .
القول السابع : كالقول الأول إلا أنه يقرأ في الأولى بعد التكبير ويكبر في الثانية بعد القراءة حكاه في البحر عن القاسم والناصر .
القول الثامن : التفرقة بين عيد الفطر والأضحى يكبر في الفطر إحدى عشرة ستا في الأولى وخمسا في الثانية وفي الأضحى ثلاثا في الأولى وثنتين في الثانية وهو مروي عن علي بن أبي طالب كما في مصنف ابن أبي شيبة ولكنه من رواية الحارث الأعور عنه .
القول التاسع : التفرقة بينهما على وجه آخر وهو أن يكبر في الفطر إحدى عشرة تكبيرة وفي الأضحى تسعا وهو مروي عن يحيى بن يعمر .
القول العاشر : كالقول الأول إلا أن محل التكبير يعد القراءة وإليه ذهب الهادي والمؤيد بالله وأبو طالب .
( احتج أهل القول الأول ) بما في الباب من الأحاديث المصرحة بعدد التكبير وكونه قبل القراءة . قال ابن عبد البر : وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق حسان أنه كبر في العيدين سبعا في الأولى وخمسا في الثانية من حديث عبد الله بن عمرو وابن عمرو وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف المزني ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا وهو أولى ما عمل به انتهى .
وقد تقدم في حديث عائشة عند الدارقطني سوى [ ص 369 ] تكبيرة الافتتاح وعند أبي داود سوى تكبيرتي الركوع وهو دليل لمن قال إن السبع لا تعد فيها تكبيرة الافتتاح والركوع والخمس لا تعد فيها تكبيرة الركوع .
( واحتج أهل القول الثاني ) بإطلاق الأحاديث المذكورة في الباب وأجابوا عن حديث عائشة بأنه ضعيف كما تقدم .
وأما أهل القول الثالث فلم أقف لهم على حجة . قال العراقي : لعلهم أرادوا بتكبيرة القيام من الركعة الأولى وتكبيرة الركوع في الثانية وفيه بعد انتهى .
( واحتج أهل القول الرابع ) بحديث أبي موسى وحذيفة المتقدم وفتيا ابن عباس السابقة قالوا لأن الأربع المذكورة في الحديث جعلت تكبيرة الإحرام منها وهذا التأويل لا يجري في الثانية وقد تقدم ما في حديث أبي موسى وصرح الخطابي بأنه ضعيف ولم يبين وجه الضعف وضعفه البيهقي في المعرفة بعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد ضعف ثابتا يحيى بن معين وضعفه غير واحد بأن راويه عن أبي موسى هو أبو عائشة ولا يعرف ولا نعرف اسمه . ورواه البيهقي من رواية مكحول عن رسول أبي موسى وحذيفة عنهما . قال البيهقي : هذا الرسول مجهول .
ولم يحتج أهل القول الخامس بما يصلح للاحتجاج .
( واحتج أهل القول السادس ) بحديث أبي موسى وحذيفة المتقدم وقد تقدم ما فيه .
( واحتج أهل القول السابع ) بما روي عن ابن مسعود : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والى بين القراءتين في صلاة العيد ) ذكر هذا الحديث في الانتصار ولم أجده في شيء من كتب الحديث .
( واحتج أهل القول الثامن ) على التفرقة بين عيد الفطر والأضحى بما تقدم من رواية ذلك عن علي وهو مع كونه غير مرفوع في إسناده الحارث الأعور وهو ممن لا يحتج به .
وأما القول التاسع فلم يأت القائل به بحجة .
( واحتج أهل القول العاشر ) بما ذكره في البحر من أن ذلك ثابت في رواية لابن عمر وثابت من فعل علي عليه السلام ولا أدري ما هذه الرواية التي عن ابن عمر وقد ذكر في الانتصار الدليل على هذا القول فقال : والحجة على هذا ما روى عبد الله بن عمرو بن العاص أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كبر سبعا في الأولى وخمسا في الثانية القراءة قبلهما كلاهما وهو عكس الرواية التي ذكرها المصنف عنه وذكرها غيره فينظر هل وافق صاحب الانتصار على ذلك أحد من أهل هذا الشأن فإني لم أقف على شيء من ذلك مع أن الثابت في أصل الانتصار لفظ بعدهما مكان قبلهما [ ص 370 ] ولكنه وقع التضبيب على الأصل في حاشية بلفظ قبلهما فلا مخالفة حينئذ .
( وأرجح هذه الأقوال ) أولها في عدد التكبير وفي محل القراءة . وقد وقع الخلاف هل المشروع الموالاة بين تكبيرات صلاة العيد أو الفصل بينها بشيء من التحميد والتسبيح ونحو ذلك فذهب مالك وأبو حنيفة والأوزاعي إلى أنه يوالي بينها كالتسبيح في الركوع والسجود قالوا : لأنه لو كان بينها ذكر مشروع لنقل كما نقل التكبير .
وقال الشافعي : إنه يقف بين كل تكبيرتين يهلل ويمجد ويكبر واختلف أصحابه فيما يقوله بين التكبيرتين فقال الأكثرون : يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وقال بعضهم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وقيل غير ذلك .
وقال الهادي وبعض أصحاب الشافعي : إنه يفصل بينها يقول الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .
وقال الناصر والمؤيد بالله والإمام يحيى : إنه يقول لا إله إلا الله إلى آخر الدعاء الطويل الذي رواه الأمير الحسين قال في الشفاء عن علي عليه السلام وروى في البحر عن مالك أنه يفصل بالسكوت .
وقد اختلف في حكم تكبير العيدين فقالت الهادوية إنه فرض وذهب من عداهم إلى أنه سنة لا تبطل الصلاة بتركه عمدا ولا سهوا . قال ابن قدامة : ولا أعلم فيه خلافا قالوا وإن تركه لا يسجد للسهو . وروي عن أبي حنيفة ومالك أنه يسجد للسهو والظاهر عدم وجوب التكبير كما ذهب إليه الجمهور لعدم وجدان دليل يدل عليه