- حديث عبد الله بن بسر سكت عنه أبو داود والمنذري وصححه ابن خزيمة وغيره وهو من رواية أبي الزاهرية وقد أخرج له مسلم . وحديث أرقم أخرجه أيضا الطبراني في الكبير وفي إسناده هشام بن زياد ضعفه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم وقد اضطرب فيه فرواه مرة عن عثمان بن الأرقم عن أبيه ومرة عن عمار بن سعد عن عثمان بن الأزرق كما سيأتي .
( وفي الباب ) عن معاذ بن أنس عند الترمذي وابن ماجه قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرا إلى جهنم ) وهو من رواية سهل بن معاذ عن أبيه وقد تقدم الكلام على سهل في شرح الحديث الذي قبل هذه الأحاديث . وفيه أيضا رشدين بن سعد وفيه مقال .
وعن جابر عند ابن ماجه : ( أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب فجعل يتخطى رقاب الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اجلس فقد آذيت وآنيت ) وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف وقد رواه بأطول من هذا ابن أبي شيبة في المصنف .
وعن عثمان بن الأزرق عند الطبراني في الكبير بنحو حديث أرقم المذكور في الباب وفي إسناده هشام بن زياد وقد تقدم أنه ضعيف .
وعن أبي الدرداء عند الطبراني في الأوسط قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تخطى رقاب الناس يوم الجمعة ) قال الطبراني : تفرد به أرطأة انتهى . وفي إسناده أيضا عبد الله بن زريق قال الأزدي : لم يصح حديثه .
وعن أنس عند الطبراني في الصغير والأوسط : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجل : قد رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله D ) وفي إسناده موسى بن خلف العجلي والقاسم بن مطيب العجلي ضعفهما ابن حبان واختلف قول ابن معين في موسى فقال مرة : ضعيف . ومرة : ليس به بأس . وفي الباب أحاديث غير هذه قد تقدم بعضها في باب التنظيف .
قوله : ( يتخطى رقاب الناس ) قد فرق النووي بين التخطي والتفريق بين الاثنين وجعل ابن قدامة في المغني التخطي هو التفريق .
قال العراقي : والظاهر الأول لأن التفريق يحصل بالجلوس بينهما وإن لم يتخط .
قوله : ( وآنيت ) بهمزة ممدودة أي أبطأت وتأخرت .
قوله : ( قصبه في النار ) بضم [ ص 311 ] القاف وسكون الصاد المهملة واحد الأقصاب وهي المعى كما في القاموس وغيره .
قوله : ( ففزع الناس ) أي خافوا وكانت تلك عادتهم إذا رأوا منه ما لا يعهدون خشية أن ينزل فيهم شيء يسوءهم .
قوله : ( من تبر ) بكسر التاء المثناة وسكون الموحدة الذهب الذي لم يصف ولم يضرب .
قوله : ( فكرهت أن يحبسني ) أي يشغلني التفكر فيه عن التوجه والإقبال على الله تعالى كذا قال الحافظ وفهم منه ابن بطال معنى آخر فقال فيه : إن المعنى أن تأخير الصدقة يحبس صاحبها يوم القيامة .
قوله : ( فأمرت بقسمته ) في رواية فقسمته .
( وأحاديث ) الباب تدل على كراهة التخطي يوم الجمعة وظاهر التقييد بيوم الجمعة أن الكراهة مختصة به ويحتمل أن يكون التقييد خرج مخرج الغالب لاختصاص الجمعة بكثرة الناس بخلاف سائر الصلوات فلا يختص ذلك بالجمعة بل يكون حكم سائر الصلوات حكمها ويؤيد ذلك التعليل بالأذية وظاهر هذا التعليل أن ذلك يجري في مجالس العلم وغيرها ويؤيده أيضا ما أخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من تخطى حلق قوم بغير إذنهم فهو عاص ) ولكن في إسناده جعفر بن الزبير وقد كذبه شعبة وتركه الناس وقد اختلف أهل العلم في حكم التخطي يوم الجمعة فقال الترمذي حاكيا من أهل العلم أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك وحكى أبو حامد في تعليقه عن الشافعي التصريح بالتحريم وقال النووي في زوائد الروضة : إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة واقتصر أصحاب أحمد على الكراهة فقط وروى العراقي عن كعب الأحبار أنه قال : لأن أدع الجمعة أحب إلي من أن أتخطى الرقاب .
وقال ابن المسيب : لأن أصلي الجمعة بالحرة أحب إلي من التخطي . وروي عن أبي هريرة نحوه ولا يصح عنه لأنه من رواية صالح مولى التوءمة عنه . قال العراقي : وقد استثني من التحريم أو الكراهة الإمام أو من كان بين يديه فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي وهكذا أطلق النووي في الروضة وقيد ذلك في شرح المهذب فقال : إذا لم يجد طريقا إلى المنبر أو المحراب إلا بالتخطي لم يكره لأنه ضرورة . وروي نحو ذلك عن الشافعي وحديث عقبة بن الحارث المذكور في الباب يدل على جواز التخطي للحاجة في غير الجمعة فمن خصص الكراهة بصلاة الجمعة فلا معارضة بينه وبين أحاديث الباب عنده ومن عمم الكراهة لوجود العلة المذكورة سابقا في الجمعة وغيرها فهو محتاج [ ص 312 ] إلى الاعتذار عنه وقد خص الكراهة بعضهم بغير من يتبرك الناس بمروره ويسرهم ذلك ولا يتأذون لزوال علة الكراهة التي هي التأذي