- قوله ( إداوة ) هي بكسر الهمزة إناء صغير من جلد .
قوله ( وعنزة ) هي بفتح النون عصا أقصر من الرمح لها سنان وقيل هي الحربة القصيرة .
قوله ( فيستنجي ) قال الأصيلي متعقبا على البخاري : استدلاله بهذه الزيادة على الاستنجاء أنها من قول أبي الوليد أحد الرواة عن شعبة لا من قول أنس قال : وقد رواه سليمان بن حرب عن شعبة فلم يذكرها وقد رده الحافظ بأنها قد ثبتت للإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة بلفظ : ( فانطلقت أنا وغلام من الأنصار معنا إدواة فيها ماء يستنجي منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) وللبخاري من طريق روح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة بلفظ : ( إذا تبرز أتيته بماء فتغسل به ) ولمسلم من طريق خالد الحذاء عن عطاء عن أنس بلفظ : ( فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد استنجى بالماء ) قال : وقد بان بهذه الروايات الرد على الأصيلي وكذا فيه الرد [ ص 122 ] على من زعم أن قوله ( يستنجي بالماء ) مدرج من قول عطاء الراوي عن أنس كما حكاه ابن التين عن أبي عبد الملك فإن رواية خالد الحذاء السابقة تدل على أنه قول أنس .
والحديث يدل على ثبوت الاستنجاء بالماء وقد أنكره مالك وأنكر أن يكون النبي A استنجى بالماء . وقد روى ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن حذيفة بن اليمان أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال : إذا لا يزال في يدي نتن وعن نافع أن ابن عمر كان لا يستنجي بالماء . وعن ابن الزبير قال : ما كنا نفعله .
وذكر ابن دقيق العيد أن سعيد بن المسيب سئل عن الاستنجاء بالماء فقال : إنما ذلك وضوء النساء . قال : وعن غيره من السلف ما يشعر بذلك .
والسنة دلت على الاستنجاء بالماء في هذا الحديث وغيره فهي أولى بالإتباع قال : ولعل سعيدا C فهم من أحد غلوا في هذا الباب بحيث يمنع الاستنجاء بالأحجار فقصد في مقابلته أن يذكر هذا اللفظ لإزالة ذلك الغلو وبالغ بإيراده إياه على هذه الصيغة .
وقد ذهب بعض من أصحاب مالك إلى أن الاستجمار بالحجارة إنما هو عند عدم الماء وإذا ذهب إليه بعض الفقهاء فلا يبعد أن يقع لغيرهم ممن في زمان سعيد C انتهى .
وقد اختلف العلماء في الاكتفاء بالأحجار وعدم تعين الماء فذهبت الشافعية والحنفية إلى عدم وجوب الماء وأن الأحجار تكفي إلا إذا تعدت النجاسة الشرج أي حلقة الدبر وقال بقولهم سعد ابن أبي وقاص وابن الزبير وابن المسيب وعطاء واستدلوا بحديث : ( إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه ) كما تقدم وبنحوه من أحاديث الاستطابة .
وذهبت العترة والحسن البصري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو علي الجبائي إلى عدم الاجتزاء بالحجارة للصلاة ووجوب الماء وتعينه واحتجوا لذلك بقوله تعالى { فلم تجدوا ماء فتيمموا } وأجيب بأن الآية في الوضوء ولا شك أن الماء متعين له ولا يجزئ التيمم إلا عند عدمه وأما محل النزاع فلا دلالة في الآية عليه .
قالوا : حديث الباب ونحوه مصرح بأن النبي A استنجى بالماء قلنا النزاع في تعينه وعدم الاجتزاء بغيره ومجرد فعل النبي له لا يدل على المطلوب وإلا لزمكم القول بتعين الأحجار لأن النبي A فعله وهو عكس مطلوبكم .
قالوا : أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي من حديث عائشة أنها قالت للنساء : مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم وإن رسول الله A فعله قلنا صرحت بالمستند وهو مجرد فعل النبي له ولم تنقل عنه الأمر به ولا حصر الاستطابة عليه .
قالوا : حديث قباء وفيه الثناء عليهم لأنهم كانوا [ ص 123 ] يستنجون بالماء كما سيأتي قلنا وهو حجة عليكم لا لكم لأن تخصيص أهل قباء بالثناء يدل على أن غيرهم بخلافهم ولو كان واجبا لشاركهم غيرهم سلمنا فمجرد الثناء لا يدل على الوجوب المدعى وغاية ما فيه الأولوية لأصالة الماء في التطهير وزيادة تأثيره في إذهاب أثر النجاسة على أن حديث قباء فيه كلام سيأتي في هذا الباب .
قال المهدي في البحر رادا على حجة أهل القول الأول ما لفظه قلنا مسلم فأين سقوط الماء انتهى . ونقول له ومتى ثبت وجوب الماء حتى نطلب دليل سقوطه ثم أن السنة باعترافك قد وردت بالاستطابة بالأحجار وأنها مجزئة فأين دليل عدم إجزائها . وعن معاذة عن عائشة Bها أنها قالت : ( مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثر الغائط والبول فإنا نستحي منهم وإن رسول الله A كان يفعله ) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه .
الحديث يرد على من أنكر الاستنجاء بالماء منه A والكلام عليه قد تقدم في الذي قبله