- أما الاستقبال بالغائط والبول فقد تقدم الكلام عليه في باب نهي المتخلي عن استقبال القبلة وأما الاستنجاء باليمين فقد تقدم أيضا طرف من الكلام عليه في ذلك الباب . قال النووي : وقد أجمع العلماء على أنه منهي عنه ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام قال : وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحابنا ولا تعويل على إشارتهم قال : قال أصحابنا ويستحب أن لا يستعين باليد اليمنى في شيء من أحوال الاستنجاء إلا لعذر فإذا استنجى بماء صبه باليمنى ومسح باليسرى وإذا استنجى بحجر فإن كان في الدبر مسح بيساره وإن كان في القبل وأمكنه وضع الحجر على الأرض أو بين قدميه بحيث يتأتى مسحه أمسك الذكر بيساره ومسحه على الحجر وإن لم يمكنه واضطر إلى حمل الحجر حمله بيمينه وأمسك الذكر بيساره ومسح بها ولا يحرك اليمنى هذا هو الصواب قال : وقال بعض أصحابنا يأخذ الحجر بيساره والذكر بيمينه ويحرك اليسرى وهذا ليس بصحيح لأنه يمس الذكر من غير ضرورة وقد نهي عنه ثم إن في النهي عن الاستنجاء باليمين تنبيها على إكرامها وصيانتها عن الأقذار ونحوها اه .
والحاصل أنه قد ورد النهي عن مس الذكر باليمين في الحديث المتفق عليه وورد النهي عن الاستنجاء باليمين في هذا الحديث وغيره فلا يجوز استعمال اليمين في أحد الأمرين وإذا دعت الضرورة إلى الانتفاع بها في أحدهما استعملها قاضي الحاجة في أخف الأمرين في نظره .
وأما النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار فقد ذكرنا في باب نهي المتخلي عن استقبال القبلة الروايات الواردة في هذا المعنى وذكرنا هنالك طرفا من فقه هذه الجملة فليرجع إليه .
وقد قال بعض أهل الظاهر : إن الاستجمار بالحجر متعين لنصه صلى الله عليه وآله وسلم عليها فلا يجزئ غيره وذهب [ ص 116 ] الجمهور إلى أن الحجر ليس متعينا بل تقوم الخرقة والخشب وغير ذلك مقامه قال النووي : فلا يكون له مفهوم كما في قوله تعالى { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } ويدل على عدم تعين الحجر نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن العظم والبعر والرجيع ولو كان متعينا لنهى عما سواه مطلقا وعلى الجملة كل جامد طاهر مزيل للعين ليس له حرمة يجزئ الاستجمار به وأما النهي عن الاستنجاء برجيع أو بعظم فقد ثبت من طرق متعددة والرجيع الروث . وفيه تنبيه على النهي عن جنس النجس فلا يجزئ الاستنجاء بنجس أو متنجس .
وقد ذهبت العترة والشافعي وأصحابه إلى عدم إجزاء العظم والروث وقال أبو حنيفة يكره ويجزئ إذا قصد تخفيف النجاسة وهو يحصل بهما ويدل للأول ما أخرجه الدارقطني وصححه من حديث أبي هريرة وفيه أنهما لا يطهران .
والنهي عن العظم لكونه طعام الجن كما سيأتي وفيه تنبيه على جميع المطعومات ويلتحق بها المحترمات كأجزاء الحيوانات وأوراق كتب العلم وغير ذلك .
قوله ( الخراءة ) هي العذرة قال في القاموس : خرئ كسمع خرأ أو خراءة ويكسر وخروءا سلح والخرءة بالضم العذرة .
قوله ( الخراءة ) الخراءة الممدودة لفظا المذكورة في الحديث بقوله ( علمكم ) الخ المراد بها الفعل نفسه لا الخارج فينظر في تفسيرها به