- الحديث أخرجه أيضا الدارقطني والحاكم وحسنه المنذري والنووي وضعفه عبد الحق وابن القطان وفي إسناده عبد الله بن منين الكلابي وهو مجهول والراوي عنه الحارث بن سعيد العتقي المصري وهو لا يعرف أيضا كذا قال الحافظ . وقال ابن ماكولا : ليس له غير هذا الحديث .
قوله : ( خمس عشرة سجدة ) فيه دليل على أن مواضع السجود خمسة عشر موضعا وإلى ذلك ذهب أحمد والليث وإسحاق وابن وهب وابن حبيب من المالكية وابن المنذر وابن سريج من الشافعية وطائفة من أهل العلم فأثبتوا في الحج سجدتين وفي ص .
وذهب أبو حنيفة وداود والهادوية إلى أنها أربع عشرة سجدة ) إلا أن أبا حنيفة لم يعد في سورة الحج إلا سجدة وعد سجدة ص . والهادوية عدوا في الحج سجدتين ولم يعدوا سجدة ص . وذهب الشافعية في القديم والمالكية إلى أنها إحدى عشرة وأخرج سجدات المفصل وهي ثلاث كما يأتي وذهب في قوله الجديد إلى أنها أربع عشرة سجدة وعد منها سجدات المفصل ولم يعد سجدة ص .
( واعلم ) أن أول مواضع السجود خاتمة الأعراف . وثانيها عند قوله في الرعد { بالغدو والآصال } وثالثها عند قوله في النحل { ويفعلون ما يؤمرون } ورابعها عند قوله في بني إسرائيل { ويزيدهم خشوعا } وخامسها عند قوله في مريم { خروا سجدا وبكيا } وسادسها عند قوله في الحج { إن الله يفعل ما يشاء } وسابعها عند قوله في الفرقان { وزادهم نفورا } وثامنها عند قوله في النمل { رب العرش العظيم } وتاسعها عند قوله في الم تنزيل { وهم لا يستكبرون } وعاشرها عند قوله في ص { وخر راكعا وأناب } والحادي عشر عند قوله في حم السجدة { إن كنتم إياه تعبدون } وقال أبو حنيفة والشافعي والجمهور عند قوله { وهم لا يسأمون } والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر سجدات المفصل وستأتي . والخامس عشر السجدة الثانية في الحج .
قوله : ( ثلاث في المفصل ) هي سجدة النجم وإذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك . وفي ذلك حجة لمن قال بإثباتها ويدل على ذلك أيضا حديث ابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وأبي رافع وستأتي جميعا .
( واحتج من نفى سجدات المفصل ) بحديث ابن عباس عند أبي داود وابن السكن في صحيحه بلفظ : ( لم يسجد صلى الله عليه وآله وسلم في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة ) وفي إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد ومطر الوراق وهما ضعيفان وإن كانا من رجال مسلم .
قال النووي : حديث ابن عباس ضعيف الإسناد لا يصح الاحتجاج به انتهى . وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج [ ص 118 ] فالأحاديث المتقدمة مثبتة وهي مقدمة على النفي ولا سيما مع إجماع العلماء على أن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة وهو يقول في حديثه الآتي سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في { إذا السماء انشقت } و { اقرأ باسم ربك } .
وأما الاحتجاج على عدم مشروعية السجود في المفصل بحديث زيد بن ثابت الآتي فسيأتي الجواب عنه .
قوله : ( وفي الحج سجدتان ) فيه حجة لمن أثبت في سورة الحج سجدتين ويؤيد ذلك حديث عقبة ابن عامر عند أحمد وأبي داود والترمذي وقال إسناده ليس بالقوي والدارقطني والبيهقي والحاكم بلفظ : ( قلت يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين قال : نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما ) وفي إسناده ابن لهيعة ومشرح بن عاهان وهما ضعيفان .
وقد ذكر الحاكم أنه تفرد به وأكده بأن الرواية صحت فيه من قول عمر وابنه وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى وعمار ثم ساقها موقوفة عنهم وأكده البيهقي بما رواه في المعرفة من طريق خالد بن معدان مرسلا .
( وحديث الباب ) يدل على مشروعية سجود التلاوة . قال النووي في شرح مسلم : قد أجمع العلماء على إثبات سجود التلاوة وهو عند الجمهور سنة وعند أبي حنيفة واجب ليس بفرض وسيأتي ذكر ما احتج به الجمهور وما احتج به أبو حنيفة