- الحديث الثالث في إسناده أبو الأحوص الراوي له عن أبي ذر . قال المنذري : لا يعرف [ ص 379 ] له اسم لم يرو عنه غير الزهري وقد صحح له الترمذي وابن حبان وقال ابن عبد البر : هو مولى بني غفار إمام مسجد بني ليث . قال ابن معين : أبو الأحوص الذي حدث عنه الزهري ليس بشيء وليس لقول ابن معين هذا أصل إلا كونه انفرد الزهري بالرواية عنه . وقد قيل له ابن أكيمة لم يرو عنه غير الزهري فقال يكفيك قول الزهري حدثني ابن أكيمة فيلزمه مثل هذا في أبي الأحوص لأنه قال في حديث الباب سمعت أبا الأحوص . وقال أبو أحمد الكرابيسي : ليس بالمتين عندهم .
قوله ( هلكة ) سمى الالتفات هلكة باعتبار كونه سببا لنقصان الثواب الحاصل بالصلاة أو لكونه نوعا من تسويل الشيطان واختلاسه فمن استكثر منه كان من المتبعين للشيطان وإتباع الشيطان هلكة أو لأنه إعراض عن التوجه إلى الله والإعراض عنه D هلكة .
وقد أخرج الترمذي من حديث الحارث الأشعري وصححه من حديث طويل : ( إن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله تعالى ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت ) ونحوه حديث أبي ذر المذكور في الباب .
قوله ( فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة ) فيه الإذن بالالتفات للحاجة في التطوع والمنع من ذلك في صلاة الفرض .
قوله ( اختلاس يختلسه الشيطان ) الاختلاس أخذ الشيء بسرعة يقال اختلس الشيء إذا استلبه .
( وفي الحديث ) النهي عن الخلسة بفتح الخاء وهو ما يستخلص من السبع فيموت قبل أن يذكى . وفي النهاية الاختلاس افتعال من الخلسة وهو ما يؤخذ سلبا . وقيل المختلس الذي يخطف الشيء من غير غلبة ويهرب ونسب إلى الشيطان لأنه سبب له لوسوسته به وإطلاق اسم الاختلاس على الالتفات مبالغة .
( وأحاديث ) الباب تدل على كراهة الالتفات في الصلاة وهو قول الأكثر والجمهور على أنها كراهة تنزيه ما لم يبلغ إلى حد استدبار القبلة . والحكمة في التنفير عنه ما فيه من نقص الخشوع والإعراض عن الله تعالى وعدم التصميم على مخالفة وسوسة الشيطان