- حديث بلال رجاله رجال الصحيح وحديث صهيب في إسناده نابل صاحب العباء وفيه مقال .
( وفي الباب ) عن جماعة من الصحابة منهم الذين أشار إليهم المصنف بقوله وقد صحت الإشارة الخ . وحديث أم سلمة عند البخاري ومسلم وأبي داود من رواية كريب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن ابن أزهر أرسلوه إلى عائشة ثم إلى أم سلمة فقالت أم سلمة : ( سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن الركعتين بعد العصر ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام فأرسلت إليه الجارية فقلت قومي بجنبه وقولي له تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه ففعلت الجارية فأشار بيده ) الحديث .
وحديث عائشة أخرجه أيضا الشيخان وأبو داود وابن ماجه في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم شاكيا وفيه : ( فأشار [ ص 377 ] إليهم أن اجلسوا ) الحديث .
وحديث جابر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه في قصة شكوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيه ( فأشار إلينا يقعدنا ) الحديث .
( وفي الباب ) مما لم يذكره المصنف عن أنس عند أبي داود بإسناد صحيح . وعن بريدة عند الطبراني . وعن ابن عمر غير حديث الباب عند البيهقي . وعن ابن مسعود عند الطبراني والبيهقي بلفظ : ( مررت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسلمت عليه فأشار إلي ) وعنه حديث آخر عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي ( سلمنا عليه فلم يرد علينا ) وقد تقدم . وعن معاذ بن جبل عند الطبراني وعن المغيرة عند أبي داود والترمذي . وعن أبي سعيد عند البزار في مسنده وفي إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو ضعيف . وعن أسماء عند الشيخين ولكنه من فعل عائشة وهو في حكم المرفوع .
( والأحاديث ) المذكورة تدل على أنه لا بأس أن يسلم غير المصلي على المصلي لتقريره صلى الله عليه وآله وسلم من سلم عليه على ذلك وجواز تكليم المصلي بالغرض الذي يعرض لذلك وجواز الرد بالإشارة وقد قدمنا في باب النهي عن الكلام في شرح حديث ابن مسعود ذكر القائلين أنه يستحب الرد بالإشارة والمانعين من ذلك .
( وقد استدل ) القائلون بالاستحباب بالأحاديث المذكورة في هذا الباب واستدل المانعون بحديث ابن مسعود السابق لقوله فيه ( فلم يرد علينا ) ولكنه ينبغي أن يحمل الرد المنفي ههنا على الرد بالكلام لا الرد بالإشارة لأن ابن مسعود نفسه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه رد عليه بالإشارة ولو لم ترد عنه هذه الرواية لكان الواجب هو ذلك جمعا بين الأحاديث .
( واستدلوا ) أيضا بما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا غرار في الصلاة ولا تسليم ) والغرار بكسر الغين المعجمة وتخفيف الراء هو في الأصل النقض . قال أحمد بن حنبل : يعني فيما أرى أن لا تسلم ويسلم عليك ويغرر الرجل بصلاته فينصرف وهو فيها شاك .
( واستدلوا ) أيضا بما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : التسبيح للرجال والتصفيق للنساء من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد لها ) يعني الصلاة ورواه البزار والدارقطني . ويجاب عن الحديث الأول بأنه لا يدل على المطلوب من عدم جواز رد السلام بالإشارة لأنه ظاهر في التسليم على المصلي لا في الرد منه . ولو سلم شموله للإشارة لكان غايته المنع من التسليم على المصلي باللفظ والإشارة وليس فيه تعرض للرد ولو سلم شموله للرد لكان الواجب [ ص 378 ] حمل ذلك على الرد باللفظ جمعا بين الأحاديث .
وأما الحديث الثاني فقال أبو داود : إنه وهم اه وفي إسناده أبو غطفان . قال ابن أبي داود : هو رجل مجهول قال : وآخر الحديث زيادة والصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( أنه كان يشير في الصلاة ) قال العراقي : قلت وليس بمجهول فقد روى عنه جماعة ووثقه النسائي وابن حبان وهو أبو غطفان المري قيل اسمه سعيد اه وعلى فرض صحته ينبغي أن تحمل الإشارة المذكورة في الحديث على الإشارة لغير رد السلام والحاجة جمعا بين الأدلة .
( فائدة ) ورد في كيفية الإشارة لرد السلام في الصلاة حديث ابن عمر عن صهيب قال لا أعلمه إلا أنه قال أشار بإصبعه . وحديث بلال قال كان يشير بيده ولا اختلاف بينهما فيجوز أن يكون أشار مرة بإصبعه ومرة بجميع يده ويحتمل أن يكون المراد باليد الإصبع حملا للمطلق على المقيد . وفي حديث ابن عمر عند أبي داود ( أنه سأل بلالا كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي فقال يقول هكذا وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق ) ففيه الإشارة بجميع الكف .
وفي حديث ابن مسعود عند البيهقي بلفظ : ( فأومأ برأسه ) وفي رواية له : ( فقال برأسه ) يعني الرد . ويجمع بين الروايات بأنه صلى الله عليه وآله وسلم فعل هذا مرة وهذا مرة فيكون جميع ذلك جائزا