- الرواية الأولى أخرجها أيضا أبو داود وغيره . قوله ( قد أوهم ) بفتح الهمزة والهاء فعل ماض مبني للفاعل . قال القرطبي : ومعناه ترك . قال ثعلب : يقال أوهمت الشيء إذا تركته كله أوهم ووهمت في الحساب وغيره إذا غلطت أهم ووهمت إلى الشيء إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره . وقال في النهاية : أوهم في صلاته أي أسقط منها شيئا يقال أوهمت الشيء إذا تركته وأوهمت في الكلام والكتاب إذا أسقطت منه شيئا . ووهم يعني بكسر الهاء يوهم وهما بالتحريك إذا غلط . قال ابن رسلان : ويحتمل أن يكون معناه نسي أنه في صلاة وكذا قال الكرماني وزاد أو ظن أنه في وقت القنوت حيث كان معتدلا والتشهد حيث كان جالسا ويؤيد التفسير بالنسيان التصريح به في الرواية الأخرى .
قوله ( إني لا آلو ) هو بهمزة ممدودة بعد حرف النفي ولام مضمومة بعدها واو خفيفة أي لا أقصر .
قوله ( قد نسي ) أي نسي وجوب الهوي إلى السجود قاله الكرماني ويحتمل أن يكون المراد أنه نسي في صلاة أو ظن أنه وقت القنوت حيث كان معتدلا والتشهد حيث كان جالسا قاله الحافظ . ووقع عند الإسماعيلي [ ص 293 ] من طريق غندر عن شعبة قلنا قد نسي طول القيام أي لأجل طول قيامه .
( والحديث ) يدل على مشروعية تطويل الاعتدال من الركوع والجلسة بين السجدتين وقد ذهب بعض الشافعية إلى بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين محتجا بأن طولهما ينفي الموالاة وما أدري ما يكون جوابه عن حديث الباب . وعن حديث حذيفة الآتي بعده . وعن حديث البراء المتفق عليه : ( أنه كان ركوعه صلى الله عليه وآله وسلم وسجوده وإذا رفع من الركوع وبين السجدتين قريبا من السواء ) ولفظ مسلم : ( وجدت قيامه فركعته فاعتداله ) الحديث . وفي لفظ للبخاري : ( كان ركوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء ) قال ابن دقيق العيد : هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل وحديث أنس أصرح في الدلالة على ذلك بل هو نص فيه فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود .
ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد انتهى . على أنه قد ثبتت مشروعية أذكار في الاعتدال أكثر من التسبيح المشروع في الركوع والسجود كما تقدم وسيأتي . وأما القول بأن طولهما ينفي الموالاة فباطل لأن معنى الموالاة أن لا يتخلل فصل طويل بين الأركان مما ليس فيها وما ورد به الشرع لا يصح نفي كونه منها وقد ترك الناس هذه السنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة محدثهم وفقيههم ومجتهدهم ومقلدهم فليت شعري ما الذي عولوا عليه في ذلك والله المستعان