- الحديث أخرجه أيضا النسائي وابن ماجه كلهم من طريق محمد ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قال أبو داود في سننه : قال حماد يعني ابن زيد : سمعت سعيد بن أبي صدقة قال : سألت محمدا يعني ابن سيرين عنه فلم يحدثني وقال : سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعته من ثبت أم لا فاسألوا عنه . قال ابن عبد البر في هذا المعنى : قول من حفظ عنه حجة على من سأله في حال نسيانه أو في حال تغير فكره من أمر طرأ له من غضب أو غيره ففي مثل هذا العالم لا يسأل وقوله فاسألوا عنه غيري لا يقدح في الرواية المتقدمة فإنه محمول على أنه أمر بسؤال غيره لتقوية الحجة .
قوله ( في شعرنا ) [ ص 126 ] بضم الشين والعين المهملة جمع شعار على وزن كتب وكتاب وهو الثوب الذي يلي الجسد وخصتها بالذكر لأنها أقرب إلى أن تنالها النجاسة من الدثار وهو الثوب الذي يكون فوق الشعار قال ابن الأثير : المراد بالشعار هنا الإزار الذي كانوا يتغطون به عند النوم . وفي رواية أبي داود : ( في شعرنا أو لحفنا ) شك من الراوي واللحاف اسم لما يلتحف به .
( والحديث ) يدل على مشروعية تجنب ثياب النساء التي هي مظنة لوقوع النجاسة فيها وكذلك سائر الثياب التي تكون كذلك . وفيه أيضا أن الاحتياط والأخذ باليقين جائز غير مستنكر في الشرع وأن ترك المشكوك فيه إلى المتيقن المعلوم جائز وليس من نوع الوسواس كما قال بعضهم . وقد تقدم في الباب الأول أنه كان يصلي في الثوب الذي يجامع فيه أهله ما لم ير فيه أذى وأنه قال لمن سأله هل يصلي في الثوب الذي يأتي فيه أهله نعم إلا أن يرى فيه شيئا فيغسله وذكرنا هنالك أنه من باب الأخذ بالمئنة لعدم وجوب العمل بالمظنة وهكذا حديث صلاته في الكساء الذي لنسائه وقد تقدم . وحديث عائشة المذكور قبل هذا وكل ذلك يدل على عدم وجوب تجنب ثياب النساء وإنما هو مندوب فقط عملا بالاحتياط كما يدل عليه حديث الباب وبهذا يجمع بين الأحاديث