وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل .
والهدي لقوله تعالى : { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله } واتفق أهل العلم على أن الهدي مستحب للحاج المفرد والمعتمر المفرد وواجب على المتمتع والقارن وعلى من وجب عليه جزاء العدوان على الإحرام ويعتبر في الهدايا ما يعتبر في الضحايا أفضله البدنة لأنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يهدي البدن ولأنه أنفع للفقراء .
ثم البقرة ثم الشاة لأن البقرة أنفع بالنسبة إلى شاة وهذا إذا كان الذي يهدي البدنة والبقرة واحدا أما إذا كانوا جماعة بعدد ما تجزيء عنه البدنة والبقرة فقد وقع الخلاف هل الأفضل سبع البدنة أو البقرة أم الشاة عن الواحد والظاهر أن الإعتبار بما هو أنفع للفقراء .
وتجزيء البدنة والبقرة عن سبعة لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما قال : [ أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة ] وفي لفظ لمسلم : [ فقيل لجابر أيشترك في البقر ما يشترك في الجزور ؟ فقال : ما هي إلا من البدن ] وأخرج أحمد وابن ماجه عن ابن عباس : [ أن النبي A أتاه رجل فقال : إن علي بدنة وأنا موسر ولا أجدها فأشتريها ؟ فأمره A أن يبتاع سبع شياه فيذبحن ] ورجاله رجال الصحيح ولا يعارض هذا حديث ابن عباس عند أحمد والنسائي وابن ماجة والترمذي وحسنه قال : [ كنا في سفر فحضر الأضحى فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة ] وكذلك لا يعارضه ما في الصحيحين من حديث رافع بن خديج : [ أنه A قسم فعدل عشرا من الغنم ببعير ] لأن تعديل البدنة بسبع شياه هو في الهدي وتعديلها بعشر هو في الأضحية والقسمة وقد ذهب الجمهور إلى أن عدل البدنة في الهدي سبع شياه وادعى الطحاوي وابن رشد أنه إجماع ولا تصح هذه الدعوى فالخلاف مشهور .
ويجوز للمهدي أن يأكل من لحم هديه لحديث جابر : [ أن النبي A أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها ] أخرجه أحمد ومسلم وفي الصحيحين من حديث عائشة [ أنه دخل عليها يوم النحر بلحم بقر فقالت : ما هذا ؟ فقيل نحر رسول الله A عن أزواجه ] قال النووي : وأجمع العلماء على أن الأكل من هدي التطوع وأضحيته سنة انتهى والظاهر أنه لا فرق بين هدي التطوع وغيره لقوله تعالى { فكلوا منها } .
ويركب عليه أي المهدي على هديه لحديث أنس في الصحيحين وغيرهما قال : [ رأى رسول الله A رجلا يسوق بدنة فقال : إركبها فقال : إنها بدنة قال : إركبها قال : إنها بدنة قال : إركبها ] وفيهما نحوه من حديث أبي هريرة وأخرج أحمد ومسلم من حديث جابر [ أنه سئل عن ركوب الهدي فقال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول إركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا .
ويندب له إشعاره وتقليده لحديث ابن عباس عند مسلم وغيره ] أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأبن وسلت الدم عنها وقلدها نعلين [ قال ابن القيم في أعلام الموقعين : قالوا أنها خلاف الأصول إذ الإشعار مثله ولعمر الله أن هذه السنة خلاف الأصول الباطلة وما ضرها ذلك شيئا والمثلة المحرمة هي العدوان لا يكون عقوبة ولا تعظيما لشعائر الله فأما شق صفحة سنام البعير المستحب أو الواجب ذبحه ليسيل دمه قليلا فيظهر شعار الإسلام وإقامة هذه السنة التي هي من أحب الأشياء إلى الله وفق الأصول وأي كتاب أو سنة حرم ذلك حتى يكون خلافا للأصول وقياس الأشعار على المثلة المحرمة من أفسد قياس على وجه الأرض فإن قياس ما يحبه الله ويرضاه على ما يبغضه ويسخطه وينهي عنه ولو لم يكن في حكمة الإشعار إلى تعظيم شعائر الله وإظهارها وعلم الناس بأن هذه قرابين الله D تساق إلى بيته تذبح له ويتقرب بها إليه عند بيته كما يتقرب إليه بالصلاة إلى بيته عكس ما عليه أعداؤه المشركون الذين يذبحون لأربابهم ويصلون لها فشرع لأوليائه وأهل توحيده أن يكون نسكهم وصلاتهم لله وحده وأن يظهروا شعائر توحيده غاية الإظهار ليلعو دينه على كل دين فهذه هي الأصول الصحيحة التي جاءت السنة بالإشعار على وفقها ولله الحمد * .
ومن بعث بهدي لم يحرم عليه شئ مما يحرم على المحرم لحديث عائشة في الصحيحين وغيرهما ] أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يهدي من المدينة ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم [ أقول : هذا آخر كلام الماتن على أحكام الحج وأما الحج عن الميت والإستئجار له فاعلم أن الحج من الواجبات المتعلقة ببدن المكلف والظاهر في الواجبات البدنية أنها لا تلزم بعد رفع قلم التكليف وانتقال المكلف من هذه الدار التي هي دار التكاليف إلى دار الآخرة لأنه لم يبق من طلب منه الفعل فمن قال أنه يلزم الميت الإيصاء بشئ من الواجبات البدنية بأن يفعله عنه غيره بعد موته لم يقبل إلا بدليل أو قال : من تبرع عن ميت بفعل واجب بدني أجزأه لم يقبل ذلك منه إلا بدليل وقد ورد الدليل في أمور منها الصوم لحديث ] من مات وعليه صوم صام عنه وليه [ ولكن ليس في هذا الحديث وجوب على الميت بل الإيجاب على الولي وغاية ما يستفاد من قوله : ] صام عنه [ أنه يجزيء ذلك الصوم عن الميت ] وأما الحج فلم يرد ما يدل على وجوب الوصية على الميت به بل ورد ما يدل على وقوع الحج من القريب عن قريبه الميت كما في حديث من نذرت أخته أن تحج فماتت قبل أن تحج وكذلك ورد ما يدل على وقوع الحج من الولد لأبيه إذا كان في الحياة عاجزا عن الإتيان بالفريضة كما في خبر الخثعمية وأما إيجاب الوصية بالحج أو أنه يجزيء من كل أحد من كل ميت فلا دليل على ذلك فيما أعلم نعم إذا أوصى بالحج بنصيب من ماله فقد جعل الله له ثلث ماله في آخر عمره يتصرف به كيف يشاء ما لم يكن ضرارا فالموصي بالحج كأنه أوصى بنصيب من ماله المأذون له بالتصرف في ثلثه فيجب إمتثال وصيته وأما كون ذلك يسقط الواجب على الميت فمحل تردد عندي ولا سيما إذا كان الذي حج عنه ليس من قرابته فإن القرابة لها تأثير في القيام ببعض الواجبات البدنية من الحي عن الميت كما في حديث [ صام عنه وليه ] وكما في حديث الذي نذرت أخته أن تحج وأما حديث : [ حج عن نفسك ثم عن شبرمة ] فهو وأن كان في بعض السنن لكن لم يصرح فيه بأن الملبي عن شبرمة كان أجنبيا عنه بل ورد في رواية : [ وهو أخ له أو صديق ] ومع الإحتمال لا يتم الإستدلال وفي لفظ أنه قال له النبي A : [ من شبرمة قال : أخ لي أو قريب لي ] وقد أخرج هذه الرواية البيهقي والظاهر أن إعتناءه به وتلبيته عنه وطيبة نفسه بأن يكون حجة له للقرابة بينهما إذ من البعيد أن يفعل ذلك لغير من بينه وبينه قرابة ثم ليس في الحديث أن شبرمة هذا قد كان مات إذ ذاك وأما ما رواه الثعلبي في تفسيره بلفظ : [ من أوصى بحجة كانت أربع حجج وحجة للذي كتبها ] فمع كونه غير مرفوع لا يدري كيف إسناده والثعلبي ليس من أهل الرواية فقد روي في تفسيره الموضوعات وقد أخرج البيهقي مثل ما ذكر عن جابر مرفوعا كما ذكره صاحب التخريج فينظر في سنده فما أظنه يصح .
والحاصل : أن هذا البحث طويل الذيول متشعب الحجج والنقول فمن رام ولعثور على الصواب فعليه بالفتح الرباني فتاوي الشوكاني ودليل الطالب على أرجح المطالب لهذا العبد الضعيف وليس مقصودنا هنا إلا التنبيه على الحق الحقيق بالقبول وإن أباه أكثر العقول وحديث : [ فدين الله أحق أن يقضى ] ليس المراد به دفع الأجرة لمن يحج بل المراد أن الحج عن الوالد يصح من الولد كما يصح منه قضاء الدين ولا يرد على هذا أن اللفظ عام والإعتبار به لأنا نقول : العموم ليس هو إلا باعتبار فعل فريضة الحج لا باعتبار دفع المال لمن يحج فهذا لم يرد به دليل فعرفت بهذا أن ما يوصي به الميت من أجرة من يحج عنه لكون خارجا من ثلثه المأذون له وأما من قال بوجوب الوصية على من لم يحج فكان قياس قوله أن تكون الأجرة الموصي بها من رأس المال لأن وجوب الوصية فرع وجوب الأجرة في مال الموصي ولا فرق بين وجوب مثل الأجرة من ماله وبين وجوب مثل الزكاة وأما ما يذكرونه من الفرق بين ما يتعلق بالمال إبتداء وإنتهاء وبين ما يتعلق بالبدن إبتداء بالمال وإنتهاء فشئ لا مستند له ولا معول عليه *