وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كتاب الجهاد والسير .
الجهاد قد ورد في فضله والترغيب فيه من الكتاب والسنة ما هو معروف وقد أفرد ذلك بالتأليف جماعة من أهل العلم وحررت فيه كتاب العبرة بما جاء في الغزو والشهادة والهجرة وهو أجمع ما جمع في ذلك في هذا القطر والعصر وقد أمر الله بالجهاد بالأنفس والأموال وأوجب على عباده أن ينفروا إليه وحرم عليهم التثاقل عنه وصح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال : [ لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ] وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس وثبت عنه A أنه قال : [ إن الجنة تحت ظلال السيوف ] كما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي موسى وابن أبي أوفى وثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي A قال : [ من أغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ] وثبت عنه A قال : [ رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ] كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد وأخرج أهل السنن وصححه الترمذي من حديث معاذ بن جبل [ أن النبي A قال من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة ] فناهيك بعمل يوجب الله لصاحبه الجنة ويحرمه على النار ويكون مجرد الغدو إليه أو الرواح منه خيرا من الدنيا وما فيها .
فرض كفاية لما أخرجه أبو داود عن ابن عباس قال : [ { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } و { ما كان لأهل المدينة } إلى قوله { يعملون } نسختها الآية التي تليها { وما كان المؤمنون } ] وقد حسنه ابن حجر قال الطبري يجوز أن يكون { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } خاصا والمراد به من استنفره النبي A فامتنع قال ابن حجر : والذي يظهر لي أنها مخصوصة وليست بمنسوخة وقد وافق ابن عباس على دعوى النسخ عكرمة والحسن البصري كما روى ذلك الطبري عنهما ومن الأدلة الدالة على أنه فرض كفاية أنه كان A يغزو تارة بنفسه وتارة يرسل غيره ويكتفي ببعض المسلمين وقد كانت سراياه وبعوثه متعاقبة والمسلمون بعضهم في الغزو وبعضهم في أهله وإلى كونه فرض كفاية ذهب الجمهور وقال الماوردي إنه كان فرض عين على المهاجرين دون غيرهم وقال السهيلي كان عينا على الأنصار وقال ابن المسيب : أنه فرض عين وقال قوم إنه كان فرض عين في زمن الصحابة .
أقول : الأدلة الواردة في فرضية الجهاد كتابا وسنة أكثر من أن تكتب ههنا ولكن لا يجب ذلك إلا على الكفاية فإذا قام به البعض سقط عن الباقين وقبل أن يقوم به البعض هو فرض عين على كل مكلف وهكذا يجب على من استنفره الإمام أن ينفر ويتعين ذلك عليه ولهذا توعد الله سبحانه من لم ينفر مع رسول الله A ويدل على عدم وجوب الجهاد على الجميع قوله D : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } فتحمل هذه الآية على أنه قد قام بالجهاد من المسلمين من يكفي وأن الإمام لم يستنفر غير من قد خرج للجهاد وبهذا تعرف أن الجمع بين هذه الآيات ممكن فلا يصار إلى القول بالترجيح أو النسخ وأما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على الإسلام أو تسليم الجزية أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية ولأجله بعث الله تعالى رسله وأنزل كتبه وما زال رسول الله A منذ بعثه الله سبحانه إلى أن قبضه إليه جاعلا هذا الأمر من أعظم مقاصده ومن أهم شؤنه وأدلة الكتاب والسنة في هذا لا يتسع لها المقام ولا لبعضها وما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من ايجاب المقاتلة لهم على كل حال مع ظهور القدرة عليهم والتمكن من حربهم وقصدهم إلى ديارهم وأما غزو البغاة إلى ديارهم فإن كان ضررهم يتعدى إلى أحد من أهل الإسلام إذا ترك المسلمون غزوهم إلى ديارهم فذلك واجب دفعا لضررهم وإن كان ضررهم لا يتعدى فقد أخلوا بواجب الطاعة للإمام والدخول فيما دخل فيه سائر المسلمين ولا شك أن لك معصية عظيمة لكن إذا كانوا مع هذا مسلمين للواجبات غير ممتنعين من تأدية ما يجب تأديته عليهم تركوا وشأنهم مع تكرير الموعظة لهم وإقامة الحجة عليهم وأما إذا امتنعوا من ذلك فقد تظاهروا بالبغي وجاهروا بالمعصية وقد قال الله D : { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } وقد أجمع الصحابة على العزيمة التي عزمها أبو بكر الصديق Bه من المقاتلة لمن فرق بين الصلاة والزكاة وسيأتي الكلام على صفة مقاتلة البغاة في الفصل الذي عقده الماتن لذلك .
مع كل بر وفاجر لأن الأدلة الدالة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة وعلى فضيلته والترغيب فيه وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلا بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله تعالى على عباده المسلمين من غير تقييد بزمن أو مكان أو شخص أو عدل أو جور فتخصيص وجوب الجهاد بكون السلطان عادلا ليس عليه أثارة من علم وقد يبلي الرجل الفاجر في الجهاد ما لا يبليه البار العادل وقد وجد بهذا الشرع كما هو معروف وأخرج أحمد في المسند من رواية ابنه عبد الله وأبو داود وسعيد بن منصور من حديث أنس قال : [ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاث من أصل الإيمان : الكف عمن قال لا إله إلا الله لا تكفره بذنب ولا تخرجه عن الإسلام بعمل والجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ] ولا يعتبر في الجهاد إلا أن يقصد المجاهد بجهاده أن تكون كلمة الله هي العليا كما ثبت في حديث أبي موسى في الصحيحين وغيرهما قال : [ سئل رسول الله A عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية يقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ] .
إذا أذن الأبوان لحديث عبد الله بن عمرو قال : [ جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال : أحي والدك ؟ قال نعم قال : ففيهما فجاهد ] وفي رواية لأحمد وأبي داود وابن ماجة [ قال يا رسول الله إني جئت أريد الجهاد معك ولقد أتيت وإن والدي يبكيان قال : فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ] وقد أخرج هذا الحديث مسلم من وجه آخر وأخرج أبو داود من حديث أبي سعيد [ أن رجلا هاجر إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من اليمن فقال : هل لك أحد باليمن ؟ فقال أبواي فقال : أذنا لك ؟ فقال : لا فقال : ارجع إليهما واستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ] وصححه ابن حبان وأخرج أحمد والنسائي والبيهقي من حديث معاوية بن جاهمة السلمي [ أن جاهمة أتى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أردت الغرو وجئتك أستشيرك فقال : هل لك من أم قال نعم فقال : الزمها فإن الجنة عند رجليها ] وقد اختلف في إسناده اختلافا كثيرا وقد ذهب الجمهور إلى أنه يجب استئذان الأبوين في الجهاد ويحرم إذا لم يأذنا أو أحدهما لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية قالوا : وإذا تعين الجهاد فلا إذن ويدل على ذلك ما أخرجه ابن حبان من حديث عبد الله بن عمر قال : [ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فسأله عن أفضل الأعمال قال الصلاة قال ثم مه قال الجهاد قال فإن لي والدين قال آمرك بوالديك خيرا فقال : والذي بعثك نبيا لأجاهدن ولأتركنهما قال : فأنت أعلم ] قالوا : وهو محمول على جهاد فرض العين أي حيث يتعين على من له أبوان أو إحداهما توفيقا بين الحديثين .
وهو مع إخلاص النية يكفر الخطايا إلا الدين لحديث أبي قتادة عند مسلم وغيره [ أن رجلا قال : يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبرائيل عليه السلام قال لي ذلك ] وأخرج مثله أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة وأخرج مسلم وغيره من حديث عبد الله بن عمر [ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال : يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين فإن جبرائيل عليه السلام قال لي ذلك ] وأخرج الترمذي وحسنه من حديث أنس نحوه .
ويلحق به أي بالدين كل حقوق الآدميين من غير فرق بين دم أو عرض أو مال إذ لا فرق بينها .
ولا يستعان فيه أي في الجهاد بالمشركين إلا لضرورة لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لمن أراد الجهاد معه من المشركين [ إرجع فلن أستعين بمشرك فلما أسلم استعان به ] وهو في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة وأخرج أحمد والشافعي والبيهقي والطبراني نحوه من حديث حبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده ورجال إسناده ثقات وأخرج أحمد والنسائي من حديث أنس قال : [ قال رسول الله A : لا تستضيئوا بنار المشركين ] وفي إسناده أزهر بن راشد وهو ضعيف وبقية إسناده ثقات وقد أخرج الشافعي من حديث ابن عباس [ أن النبي A استعان بناس من اليهود يوم خيبر ] وأخرجه أبو داود في مراسيله من حديث الزهري وأخرجه أيضا الترمذي مرسلا وقد أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث ذي مخبر قال : [ سمعت رسول الله A يقول : ستصالحون الروم صلحا وتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم ] وقد ذهب جماعة من العلماء إلى عدم جواز الإستعانة بالمشركين وذهب آخرون إلى جوازها وقد استعان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالمنافقين في يوم أحد وانخزل عنه عبد الله بن أبي بأصحابه وكذلك استعان بجماعة منهم في يوم حنين وقد ثبت في السير أن رجلا يقال له قزمان خرج مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يوم أحد وهو مشرك فقتل ثلاثة من بني عبد الدار حملة لواء المشركين حتى قال A : [ أن الله ليأزر هذا الدين بالرجل الفاجر ] وخرجت خزاعة مع النبي A على قريش عام الفتح وهم مشركون فيجمع بين الأحاديث بأن الإستعانة بالمشركين لا تجوز إلا لضرورة لا إذا لم تكن ثم ضرورة .
وتجب على الجيش طاعة أميرهم إلا في معصية الله لحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما [ أن النبي A قال : من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني ] وعن ابن عباس في قوله تعالى : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } قال : [ نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في سرية ] أخرجه أحمد وأبو داود وهو في الصحيحين وفيهما أيضا من حديث على قال : [ بعث رسول الله A سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فعصوه في شئ فقال : اجمعوا لي حطبا فجمعوا ثم قال : أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال ألم يأمركم رسول الله A أن تسمعوا وتطيعوا فقالوا : بلى قال : فادخلوها فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : إنما فررنا إلى رسول الله A من النار فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله A فقال : لو دخلوها لم يخرجوا منها أبدا وقال : لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف ] والأحاديث في هذا الباب كثيرة وفيها التصريح بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإنما تجب طاعة الأمراء ما لم يأمروا بمعصية الله .
وعليه أي على الأمير مشاورتهم والرفق بهم وكفهم عن الحرام لدخول ذلك تحت قوله { وشاورهم في الأمر } وقد كان رسول الله A يشاور الغزاة معه في كل ما ينو به ووقع منه ذلك في غير موطن وأخرج مسلم وغيره من حديث أنس [ أن النبي A شاور أصحابه حين بلغه إقبال أبي سفيان ] والقصة مشهورة وأجاب عليه سعد بن عبادة بقوله : [ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ] وأخرج أحمد والشافعي من حديث أبي هريرة قال : [ ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله A ] وأخرج مسلم وغيره من حديث عائشة قالت : [ سمعت رسول الله A يقول : اللهم من ولي من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارق به ] وأخرج مسلم أيضا من حديث معقل بن يسار عن النبي A قال : [ ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجتهد لهم ولا ينصح لهم إلا لم يدخل الجنة ] وأخرج أبو داود من حديث جابر قال : [ كان رسول الله A يتخلف في المسير فيرجي الضعيف ويردف ويدعو لهم ] وأخرج أحمد وأبو داود من حديث سهل بن معاذ عن أبيه قال [ غزونا مع رسول الله A غزوة كذا وكذا فضيق الناس الطريق فبعث رسول الله A فنادى من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له ] وفي إسناده إسمعيل بن عياش وسهل بن معاذ ضعيف وقد جاءت الأدلة المفيدة للقطع بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأحق الناس بذلك الأمير .
ويشرع للإمام إذا أراد غزوا أن يوري بغير ما يريده لحديث كعب بن مالك عن النبي A [ أنه كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها ] وهو في الصحيحين وغيرهما .
و يشرع له أن يذكي العيون ويستطلع الأخبار لحديث جابر في الصحيحين وغيرهما [ أن النبي A قال يوم الأحزاب : من يأتيني بخبر القوم قال الزبير أنا ] الحديث وثبت في صحيح مسلم وغيره [ أن النبي A بعث عينا ينظر عير أبي سفيان ] وثبت [ أنه بعث من يأتيه بمقدار جيش المشركين يوم بدر وغيره ] وكان يأمر من يستطلع أخبار العدو ويقف في المواضع التي بينه وبينهم وذلك مدون في الكتب الموضوعة في السيرة والغزوات .
و يشرع له أن يرتب الجيوش ويتخذ الرايات والألوية وقد وقع منه A من ترتيب جيوشه عند ملاقاته للعدو ما هو مشهور وكان يأمر بعضا يقف في هذا المكان وآخرين في المكان الآخر وقال للرماة يوم أحد أنهم يقفون حيث عينه لهم ولا يفارقوا ذلك المكان ولو تخطفه هو ومن معه الطير وقد كانت له رايات كما في حديث ابن عباس عند الترمذي وأبي داود قال : [ كانت راية رسول الله A سوداء ولواؤه أبيض ] وأخرج أبو داود من حديث سماك بن حرب عن رجل من قومه عن آخر منهم قال : [ رأيت راية رسول الله A صفراء ] وفي إسناده مجهول وأخرج أهل السنن والحاكم وابن حبان من حديث جابر [ أن النبي A دخل مكة ولواؤه أبيض ] وفي حديث الحرث بن حسان [ أنه رأى في مسجد رسول الله A رايات سودا ] أخرجه الترمذي وابن ماجة ورجاله رجال الصحيح وفي الباب أحاديث .
وتجب الدعوة قبل القتال إلى إحدى ثلاث خصال إما الإسلام أو الجزية أو السيف لحديث سليمان بن بريدة عن أبيه عند مسلم وغيره قال : [ كان رسول الله A إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال : أغزوا بسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله أغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم أدعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم الذي يجري على المسلمين ولا يكون لهم في الفئ والغنيمة شئ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فاسألهم الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم وإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ] الحديث وفي الباب أحاديث وقد ذهب الجمهور إلى وجوب الدعوة لمن لم تبغلهم الدعوة ولا تجب لمن قد بلغتهم وذهب قوم إلى الوجوب مطلقا وقوم إلى عدم الوجوب مطلقا .
ويحرم قتل النساء والأطفال والشيوخ إلا أن يقاتلوا فيدفعوا بالقتل لضرورة لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما قال : [ وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي A فنهى رسول الله A عن قتل النساء والصبيان ] وأخرج أبو داود من حديث أنس [ أن رسول الله قال : لا تقتلوا شيخا فانيا ولا صغيرا ولا امرأة ] وفي إسناده خالد بن الفرز وفيه مقال وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث رباح بن ربيع أنه قال A : [ لا تقتلوا ذرية ولا عسيفا ] والعسيف الأجير وأخرج أحمد من حديث ابن عباس [ أن النبي A قال : لا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع ] وفي إسناده إبراهيم بن إسمعيل بن أبي حبيبة وهو ضعيف وقد وثقه أحمد وأخرج أحمد أيضا والإسماعيلي في مستخرجه من حديث كعب بن مالك عن عمه [ أن النبي A حين بعث إلى ابن أبي الحقيق بخيبر نهى عن قتل النساء والصبيان ] ورجاله رجال الصحيح وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث سمرة مرفوعا بلفظ [ اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم ] وقد قيل : أنه وقع الإتفاق على المنع عن قتل النساء والصبيان إلا إذا كان ذلك لضرورة كأن يتترس بهم لمقاتلة أو يقاتلون وقد أخرج أبو داود في المراسيل عن عكرمة [ أن النبي A مر بامرأة مقتولة يوم حنين فقال من قتل هذه ؟ فقال رجل : أنا يا رسول الله غنمتها وإردفتها خلفي فلما رأت الهزيمة فينا أهوت إلى قائم سيفي لتقتلني فقتلتها فلم ينكر عليه رسول الله A ] ووصله الطبراني في الكبير قلت : قال الشافعي : النهي عن قتل نسائهم وصبيانهم إنما هو في حال التميز والتفرد وأما البيات فيجوز وإن كان فيه إصابة ذراريهم ونسائهم .
والمثلة لما تقدم قريبا في حديث سليمان بن بريدة عن أبيه عن جده وفيه [ ولا تمثلوا ] وأخرج نحو ذلك أحمد وابن ماجة من حديث صفوان بن عسال وأحاديث النهي عن المثلة كثيرة .
والإحراق بالنار لحديث أبي هريرة عند البخاري وغيره قال : [ بعثنا رسول الله A في بعث فقال : إن وجدتم فلانا وفلانا لرجلين فاحرقوهما بالنار ثم قال حين أردنا الخروج : إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتوهما فاقتلوهما ] وأما تحريق الشجر والأصنام والمتاع فقد ثبت الإذن بذلك عن الشارع إذا كان فيه مصلحة .
و يحرم الفرار من الزحف إلا إلى فئة وقد نطق بذلك القرآن الكريم قال الله تعالى : { ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله } وثبت في الصحيحين وغيرهما أن الفرار من الزحف هو من السبع الموبقات ولا خلاف في ذلك وفي الجملة وإن اختلفوا في مسوغات الفرار وقد جوز الله تعالى الفرار إلى الفئة وأما التحرف للقتال فهو وإن كان فيه تولية الدبر لكنه ليس بفرار على الحقيقة قال في المسوى : قوله { متحرفا لقتال } هو أن ينصرف من ضيق إلى سعة أو من سفل إلى علو أو من مكان منكشف إلى مستتر ونحو ذلك مما هو أمكن له في القتال قوله : { أو متحيزا } أي يصير إلى حيز فئة من المسلمين يستنجدهم ويقاتل معهم وبالجملة يجب ثبات المسلمين يوم الزحف في مقابلة زحفهم من الكفار والفرار حينئذ كبيرة .
ويجوز تبييت الكفار لحديث الصعب ابن جثامة في الصحيحين وغيرهما [ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم ثم قال : هم منهم ] وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث سلمة بن الأكوع قال : [ بيتنا هوازن مع أبي بكر الصديق وكان أمره علينا رسول الله A ] والبيات هو الغارة بالليل قال الترمذي : وقد رخص قوم من أهل العلم في الغارة بالليل وأن يبيتوا وكرهه بعضهم قال أحمد وإسحق : لا بأس به أن يبيت العدو ليلا .
والكذب في الحرب لما ثبت عند مسلم وغيره من حديث جابر [ أن رسول الله A لما بعث محمد بن مسلمة لقتل كعب بن الأشرف قال يا رسول الله : فأذن لي فأقول قال : قد فعلت ] يعني يأذن له بأن يخدعه بمقال ولو كان كذبا كما وقع منه في هذه القصة وهي أيضا في البخاري وأخرج مسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة قالت : [ لم أسمع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يرخص في شيء من الكذب مما يقول الناس إلا في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها ] وهذا الكذب المذكور هنا هو التعريض والتلويج بوجه من الوجوه ليخرج عن الكذب الصراح كما قاله جماعة من أهل العلم .
والخداع في الحرب لما في الصحيحين من حديث جابر قال : [ قال رسول الله A : الحرب خدعة ] وفيهما من حديث [ أبي هريرة قال : سمي النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الحرب خدعة ] قال النووي : واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيفما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد *