قيل إن الأب أقدم منها إجماعا وليس ذلك بصحيح والخلاف معروف والحديث يحج من خالفه وأما إثبات حق الأب في الحضانة فهو وإن لم يرد دليل يخصه لكنه قد استفيد من قوله A للأم ( ( أنت أحق به مالم تنكحي ) ) فإن هذا يدل على ثبوت أصل الحق للأب بعد الأم ومن منزلتها وهي الخالة وكذلك إثبات التخيير بينه وبين الأم في الكفالة فإنه يفيد إثبات حق له في الجملة وأما كونه يعين الحاكم من القرابة من رأى فيه صلاحا فلأنه إذا عدمت الأم والخالة والأب والصبي محتاج إلى من يحضنه بالضرورة والقرابة أشفق به فيعين الحاكم من يقوم بأمره منهم ممن يرى فيه صلاحا للصبي وقد أخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال ( ( إن امرأة عمر بن الخطاب خاصمته إلى أبي بكر في ولد عليها فقال أبوبكر هي أعطف وألطف وأرحم وأحنى وهي أحق بولدها مالم تتزوج ) ) فهذه الأوصاف تفيد أن أبا بكر Bه جعل العلة العطف واللطف والرحمة والحنو وأما كونه يثبت التخيير للصبي بعد بلوغ سن الاستقلال بين الأم والأب فلحديث أبي هريرة Bه عند أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي ( ( أن النبي A خير غلاما بين أبيه وأمه ) ) وفي لفظ ( ( أن امرأة جاءت فقالت يارسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عتبة وقد نفعني فقال رسول الله A استهما عليه قال زوجها من يحاقني في ولدي فقال النبي A هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به ) ) أخرجه أهل السنن وابن أبي شيبة وصححه الترمذي وابن حبان وابن القطان وأخرج أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه والدارقطني من حديث عبد الحميد ابن جعفر الأنصاري عن جده ( ( أنه جده أسلم وأبت امرأته أن تسلم فجاء بابن صغير له ولم يبلغ قال فأجلس النبي A الأب هاهنا والأم ههنا ثم خيره وقال اللهم اهده فذهب إلى أبيه وأما كونه يكلفه من كان له في كفالته مصلحة إذا لم يوجد فلكونه محتاجا إلى ذلك ولم يوجد من له في ذلك حق بنص الشرع فكانت المصلحة معتبرة في مصلحة ابنه كما اعتبرت في ماله وقد دلت على ذلك الأدلة الواردة في أموال اليتامى من الكتاب والسنة