معنى كونها مثل صيام الدهر .
المسألة الخامسة : قوله عليه السلام [ وذلك مثل صيام الدهر ] مؤول عندهم على أنه مثل أصل صيام الدهر من غير تضعيف للحسنات فإن ذلك التضعيف مرتب على الفعل الحسي الواقع في الخارج والحامل على هذا التأويل : أن القواعد تقتضي أن المقدر لا يكون كالمحقق وأن الأجور تتفاوت بحسب تفاوت المصالح أو المشقة في الفعل فكيف يستوي من فعل الشيء بمن قدر فعله له فأجل ذلك قيل : إن المراد أصل الفعل في التقدير لا الفعل المرتب عليه التضعيف في التحقيق وهذا البحث يأتي في مواضع ولا يختص بهذا الموضع .
ومن ههنا يمكن أن يجاب عن الاستدلال بهذا اللفظ وشبهه على جواز صوم الدهر من حيث إنه ذكر للترغيب في فعل هذا الصوم ووجه الترغيب : أنه مثل بصوم الدهر ولا يجوز أن تكون جهة الترغيب هي جهة الذم .
وسبيل الجواب : أن الذم - عند من قال به - متعلق بالفعل الحقيق ووجه الترغيب ههنا : حصول الثواب على الوجه التقديري فاختلفت جهة الترغيب وجهة الذم وإن كان هذا الاستنباط الذي ذكر لا بأس به ولكن الدلائل الدالة على كراهة صوم الدهر أقوى منه دلالة والعمل بأقوى الدليلين واجب والذين أجازوا صوم الدهر حملوا النهي على ذي عجز أو مشقة أو ما يقرب من ذلك من لزوم تعطيل مصالح راجحة على الصوم أو متعلقة بحق الغير كالزوجة مثلا