أبو حنيفة يعلق الزكاة في الحرث بكل قليل و كثير و الرد عليه .
و الحديث دليل على الزكاة فيما دون هذه المقادير من هذه الأعيان و أبو حنيفة يخالف في زكاة الحرث و يعلق الزكاة بكل قليل و كثير منه و يستدل له بقوله عليه السلام [ فيما سقت السماء العشر و فيما سقي بنضح أو دالية ففيه نصف العشر ] و هذا عام في القليل و الكثير .
و أجيب عن هذا بأن المقصود من الحديث بيان قدر المخرج لا بيان المخرج منه وهذا فيه قاعدة أصولية وهو أن الألفاظ العامة بوضع اللغة على ثلاث مراتب أحدها : ما ظهر فيه عدم قصد التعميم ومثل بهذا الحديث .
والثانية : ما ظهر فيه قصد التعميم بأن أورد مبتدأ لا على سبب لقصد تأسيس القواعد والثالثة : ما لم يظهر فيه قرينة تدل على التعميم ولا قرينة تدل على عدم التعميم .
وقد وقع تنازع من بعض المتأخرين في القسم الأول في كون المقصود منه عدم التعميم فطالب بعضهم بالدليل على ذلك وهذا الطريق ليس بجيد لأن هذا أمر يعرف من سياق الكلام ودلالة السياق لا يقام عليها دليل وكذلك لو فهم المقصود من الكلام وطولب بالدليل عليه لعسر فالناظر يرجع إلى ذوقه والمناظر يرجع إلى دينه وإنصافه .
واستدل بالحديث من يرى أن النقصان اليسير في الوزن يمنع وجوب الزكاة وهو ظاهر الحديث و مالك يسامح بالنقص اليسير جدا الذي تروج معه الدراهم والدنانير رواج الكامل .
وأما الأوسق فاختلف أصحاب الشافعي في أن المقدار فيها تقريب أو تحديد ومن قال : إنه تقريب يسامح باليسير وظاهر الحديث : يقتضي أن النقصان لا يؤثر والأظهر : أن النقصان اليسير جدا لا يمنع إطلاق الاسم في العرف ولا يعبأ به أهل العرف : أنه يغتفر