فصل الحال الثالث أن تكون العين المتنازع فيها بيديهما .
أي المتنازعين كطفل مجهول نسبه كل منهما ممسك لبعضه فيحلف كل منهما كما مر أي أن نصفه له لا حق للآخر فيه فيما يتنصف أي في الحال الأولى وتناصفاه أي المدعى به لحديث أبي موسى [ أن رجلين اختصما إلى رسول الله A في دار ليس لأحدهما بينة فجعلها بينهما نصفين ] رواه الخمسة إلا الترمذي وكذا إن نكلا لأن يد كل منهما عليها فهما سواء فلا مرجح لأحدهما على الآخر إلا أن يدعي أحدهما نصفا من المتنازع فيه فأقل من النصف أو يدعي الآخر الجميع أي جميع المدعى به أو يدعي الآخر أكثر مما بقي مما يدعيه الآخر كأن ادعى أحدهما الثلث والآخر ثلاثة الأرباع فيحلف مدعي الأقل وحده ويأخذه أي ما حلف عليه لأنه يدعي أقل مما بيده ظاهرا أشبه ما لو انفرد باليد وإن كان مجهول النسب الذي بيديهما مميزا فقال إني حر خلي سبيله ومنعا منه لأنه يعرب عن نفسه بالحرية ويصح تصرفه بالوصية ويؤمر بالصلاة أشبه البالغ حتى تقوم بينة برقه لأن الأصل في بني آدم الحرية والرق طارىء فإن قامت بينة لمدعي رقه عمل بها لشهادتها بزيادة فإن قويت يد أحدهما أي المتنازعين في عين بأيديهما كحيوان ادعاه اثنان واحد منهما سائقه أو آخذ بزمامه وآخر راكبه أو عليه حمله فللثاني الراكب وصاحب الحمل بيمينه لأن تصرفه أقوى ويده آكدوهو المستوفي لمنفعة الحيوان أو واحد منها عليه حمله وآخر راكبه فللثاني الراكب بيمينه لقوة تصرفه وان اتفقا على أن الدابة للراكب وادعى كل منهما ما عليها من الحمل فهو للراكب بيمينه لأن يده على الدابة والحمل معا بخلاف السرج أو كB قميص واحد آخذ بكمه وآخر لابسه ف هو للثاني اللابس له بيمينه لما تقدم فإن كمان كمه بيد أحدهما وباقيه بيد الآخر أوتنازعا عمامة طرفها بيد أحدهما وباقيها بيد الآخرفهما سواء فيهما لأن يد الممسك للطرف عليها بدليل أنها لو كان باقيها على الأرض فنازعه غيره فيها كانت له وان تنازع اثنان دار فيها أربعة أبيات أحدهما ساكن في بيت منها والآخر ساكن في الثلاثة فلكل منهما ما هوساكن فيه لأن كل بيت ينفصل عن صاحبه ولا يشارك الخارج منه الساكن في ثبوت اليد عليه وان تنازعا الساحة التي يتطرق منها الى البيوت فهي بينهما بالسوية لاشتراكهما في ثبوت اليد عليها ويعمل بالظاهر أي ظاهر الحال فيما بيديهما أي المتنازعين مشاهدة أو بيديهما حكما أو بيد واحد منهما مشاهدة و بيد الآخر حكما وتأتي أمثلة ذلك فلو نوزع رب دابة في رحل عليها وكل منهما آخذ ببعضه فهولرب الدابة بيمينه لأن ظاهر الحال عادة أن الرحل لصاحب الدابة أو نوزع رب قدر ونحوه من الأواني والظروف في شيء فيه من نحو لحم أو تمر والقدر ونحوه بأيديهما مع اتفاقهماعلى أن القدر لأحدهما ف ما فيه له أي لرب القدر ونحوه بيمينه عملا بظاهر الحال ولو نازع رب دار خياطا فيها أي الدار في إبرة أو في مقص فللثاني أي الخياط لأن ظاهر الحال أن الخياط إذا دعي للخياطة يحمل معه إبرته ومقصه أو نازع رب دار قرابا في قربة في الدار ف هي للثاني أي القراب لما تقدم وعكسه أي ما سبق ولو تنازع الثوب المخيط والخابية التي يصب فيها الماء فهما لرب الدار بيمينه لأنه الظاهر وإن تنازع مكر ومكتر لدار في رف مقلوع له شكل في الدار أو تنازعا في مصراع مقلوع له شكل منصوب في الدار ف هو لربها مع يمينه لأن المنصوب تابع للدار والظاهر أن أحد الرفين أوأحد المصراعين لمن له الآخرلأن أحدهمالا يستغني عن صاحبه كالحجر الفوقاني في الرحا والمفتاح مع القفل وإلا يكن مع الرف المقلوع أو المصراع شكل منضوب في الدار ف هو بينهما أي المكري والمكتري بيمينهما وما جرت عادة به أي بأنه المكري ولو لم يدخل في بيع الدار كمفتاحها ف هو لربها كالأبواب المنصوبة والخوابب المدفونة والرفوف المسمرة والرحا المنصوبة لأنه من توابع الدار أشبه الشجر المغروس وإلا تجسرا لعادة بأنه للمكر كالأثاث والأواني والكتب والحبل الذي يستقي به من البئر ف هو لمكتر بيمينه لأن العادة أن الإنسان يكري داره فارغة ولو تنازع زوجان أو تنازع ورثتهما أو تنازع أحدهما أي أحد الزوجين وورثة الآخر ولو مع رق أحدهما نصا في قماش البيت ونحوه فادعى كل منهما أنه كله له فإن كان لأحدهما بينة بشيء أخذه وإلا تكن بينة فما يصلح لرجل كعمامة وقمصان رجال وجبابهم وأقبيتهم والطيالسة والسلاح وأشباهها ف هو له أي الزوج و ما يصلح لها أي المرأة من حلي وخمر وقمص نساء ومقانعهن ومغازلهن فلها أي الزوجة و ما يصلح لهما كفرش وقماش لم يفصل وأوان ونحوهما ف هو لهما أي بينهما سواء كان بيديهما من طريق الحكم أو المشاهدة نقل الأثرم : المصحف لهما فإن كانت لا تقرأ ولا تعرف بذلك فله فإن كان المتاع بيد غيرهما فمن أقام به بينة فهوله وإن لم تكن بينة أقرع فمن قرع حلف وأخذه وكذا إذا تنازع صانعان في آلة دكانهما فآلة كل صنعة لصانعها كنجار وحداد بدكان وتنازعا في آلتهما أو بعضها فآلة النجار للنجار وآلة الحداد للحداد سواء كانت ايديهما على الآلة من طريق الحكم أو طريق المشاهدة عملا بالظاهر فإن لم تكن يد حكمية كرجل وامرأة تنازعا شيئا ليس بدارهما أو صانعان آلة ليست بدكانهما فلا يرجح أحدهما بشيء مما ذكر بل إن كان بيد أحدهما فله أو بيديهما فبينهما وفي يد غيرهما ولم ينازع أقرع بينهما وكل من قلنا هو أي المتنازع فيه له ف هو له بيمينه لاحتمال صدق غريمه إن لم يكن لأحدهما بينة ومتى كان لأحدهما بينة حكم له بها سواء كان المدعي أو المدعى عليه وقد ذكرت ما فيه في الحاشية ولم يحلف لحديث الحضرمي والكندي ولأن البينة إحدى حجتي الدعوى فيكتفي بها كاليمين وإن كان لكل من المتنازعين في عين بينة بها وتساوتا أي البينتان من كل وجه تعارضتا وتساقطتا لأن كلا منهما تنفي ما تثبته الأخرى فلا يمكن العمل بهما ولا بأحدهما فيتساقطان ويصيران كمن لا بينة لهما فيتحالفان ويتناصفان ما بأيديهما لحديث أبي موسى [ أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله صلى الله عيه وسلم فبعث كل منهما بشاهدين فقسمه النبي A بينهما ] رواه أبوداود ويقرع بين المتنازعين إذا أقام كل منهما بينة فيما ليس بيد أحد أو بيد ثالث ولم ينازع المتداعيين فيه فمن قرع صاحبه حلف وأخذ كما لو لم يكن لواحد منهما بينة روي عن ابن عمرو بن الزبير وان كان المتنازع فيه بيد أحدهما أي المتنازعين وأقام كل منهما بينة أنه له حكم به للمدعي على الأصح وهو الخارج ببينة سواء أقيمت بينة منكر أي رب اليد وهو الداخل بعد رفع يده أولا وسواء شهدت له أي لرب اليد أنها نتجت في ملكه أو أنها قطيعة من إمام أولا بأن لم تشهد بذلك لحديث [ البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ] فجعل جنس البينة في جنبة المدعي فلا يبقى في جنبة المدعى عليه بينة ولأن بينة المدعي أكثر فائدة فوجب تقديمها كتقديم بينة الجرح على التعديل ووجه كثرة فائدتها أنها تثبت سببا لم يكن وبينة المنكر إنما تثبت ظاهرا تدل عليه اليد فيجوزأن يكون مستندها رؤية اليد والتصرف ولا يحلف الخارج مع بينة كما لو لم تكن بينة داخل وتسمع بينته أي رب اليد وهو منكر لدعوى الخارج لإدعائه الملك لما بيده وكذا من ادعى عليه تعديا ببلد ووقت معينين وقامت به بينة وهو منكر فادعى كذبها وأقام بينة أنه كان به أي بذلك الوقت بمحل بعيد عن ذلك البلد فتسمع ويعمل بها قال في الانتصار لا تسمع إلا بينة مدع باتفاقنا وفيه وقد تثبت في جنبة منكروهو ما إذا ادعى عليه عينا بيده فيقيم بينة بأنها ملكه وانما لم يصح أن يقيمها في الدين لعدم إحاطتها به ولا تسمع بينة داخل مع عدم بينة خارج لعدم حاجته اليها كما لو أقر مدعى عليه قلت بل هومحتاج إليها لدفع التهمة واليمين عنه ومع حضور البينتين بينة الخارج وبينة الداخل لا تسمع بينة داخل قبل بينة خارج وتعديلها صححه في الإنصاف ولعله لأن بينة الخارج هي المعول جمليها ومعتمد الحكم وبينة الداخل لا تسمع إلا معها فلا تتقدم عليها وتسمع بينة الداخل بعد التعديل لبينة الخارج قبل الحكم وبعده قبل التسليم وتقدم عليهابينة الخارج وإن كانت بينة المنكر غائبة حين رفعنا يده عن المدعى به فجاءت وقد ادعى فيه ملكا مطلقا غير مستند لحال وضع فيه يده وأقام بينة فهي بينة خارج فتقدم على بينة المدعي الأول فإن ادعاه أي الملك مستندا لما قبل يده وأقامها ف هي بينة داخل فتقدم بينة المدعى عليها لإستناد دعوى المنكر إلى حال وضع يده وإن أقام الخارج غيرواضع اليد بينة أنه اشتراها من الداخل واضع اليد وأقام الداخل بينة أنه اشتراها من الخارج قدمت بينة الداخل لأنه الخارج معنى لإثبات البينة أن المدعي صاحب اليد وأن يد الداخل نائبة عنه وإن أقام الخارج بينة أنها ملكه و أقام الآخر أي الداخل بينة أنه أي الخارج باعها منه أي الداخل أو وقفها عليه أي الداخل أو أعتقها أي الرقبة قدمت البينة الثانية لشهادتها بأمرحدث على الملك خفي على الأولى فثبت الملك للأول والبيع أو الوقف أو العتق منه ولم ترفع بينة الخارج يده أي المدعى عليه كقوله ابرأني من الدين ويقيم به بينة أما لو قال المدعى عليه لي بينة غائبة بأنه باعه مني أو أوقفه علي أو أعتقه طولب مدعى عليه بالتسليم للمدعى به لأن تأخيره يطول وقد يكون كاذبا ومتى أرختا أي بينة كل من المتنازعين والعين بيديهما في شهادة بملك بأن قالت إحدى البينتين : ملك العين وقت كذا وقالت الأخرى : ملكها وقت كذا أو أرختا في شهادة بيد بأن قالت إحدى البينتين العين بيده منذ كذا وقالت الأخرى بيده منذ كذا أو أرخت إحداهما فقط أي و تؤرخ الأخرى فهما أي البينتان سواء لحديث أبي موسى [ أن رجلين اختصما إلى رسول الله A في بعير فأقام كل واحد منهما شاهدين فقضى رسول الله A بالبعيربينهما نصفين ] رواه أبوداود ولأن كلا منهما داخل في نصف العين خارج في نصفها إلا أن تشهد المتأخرة تأريخا اذا أرختا بانتقاله أي الملك عنه أي عن المشهود له بالملك المتقدم ولا تقدم إحداهما أي البينتين بزيادة نتاج بأن شهدت بأخها بنت فرسه أو بقرته فتحت في ملكه والأخرى شهدت بالملك فقط أو أي ولا تقدم إحداهما بزيادة سبب ملك بأن شهدت إحداهما أنه ملكها بالبيع ونحوه والأخرى بالملك فقط بل هما سواء لتساويهما فيما يرجع إلى المختلف فيه وهوملك العين الآن فتساويا في الحكم أو أي ولا تقدم احداهما بB اشتهار عدالة أو كثير عدد كأربعة رجال والأخرى رجلين ولا يقدم رجلان على رجل وامرأتين أو على رجل ويمين لأن الشهادة مقدرة بالشرع فلا تختلف بالزيادة ومتى ادعى أحدهما أي المتنازعين في عين أنه اشتراها من زيد وهي ملكه و ادعى الآخر أنه اشتراها من عمرو وهي ملكه وأقاما بذلك بينتين أي أقام كل منهما بينة بدعواه تعارضتا إن لم تكن بيد أحدهما ثم إن كانت العين بأيديهما تحالفا وتناصفاها وإن كانت بيد ثالث لم ينازع أقرع بينهما فمن قرع حلف وأخذها وان كانت بيد أحدهما فهي للخارج بينته وان كانت بيد أحد البائعين فأنكرهما وادعاها لنفسه حلف وهي له لتساقط البينين وان أقر بها لأحدهما فالمقر له كداخل والآخر كخارج على ما يأتي وإن شهدت إحداها بالملك في العين لأحد المتنازعين و شهدت الأخرى بانتقاله أي الملك عنه له أي للآخر كما لو أقام رجل بينة أن هذه الدار لأبي خلفها تركة وأقامت امرأته أي الأب بينة أن أباه أصدقها إياها أي الدار قدمت الناقلة وحكم بالملك للمرأة لشهادتها بأمر زائد على الملك خفي على الأخرى كما تقدم ك تقدم بينة ملك على بينة يد قال في شرحه بغير خلاف