فصل في كفارة الظهار وما بمعناه وكفارته .
أي الظهار وكفارة وطء نهار رمضان على الترتيب وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا أما الظهار فلقوله تعالى : { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا } الآيتين وأما الوطء في نهاررمضان فلحديث أبي هريرة المتفق عليه وتقدم في الصوم وكذا كفارة قتل في الترتيب إلا أنه لا يجب فيها إطعام لقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ } الآية ولم يذكر فيها أطعاما والمعبر في كفارات من قدرة أو عجز وقت وجوب كفارة كحد وقود فيعتبران بوقت الوجوب فمن قذف وهوعبد ثم عتق لم يجلد إلا جلد عبد ومن حنث وهوعبد لم تلزمه إلا كفارة عبد لأن الكفارة تجب على وجه الطهر فكان الاعتبار فيها بحال الوجوب كالحد بخلاف المتيمم فإنه لوتيمم ثم وجد الماء بطل تيممه وهنا لو صام ثم قدرعلى الرقبة لم يبطل صومه ولوقتل قنا وهورقيق ثم عتق لم يسقط عنه القود وإمكان الأداء في الكفارات مبني على اعتباره في زكاة وتقدم أن المذهب أنه شرط للأداء لا للوجوب ووقت وجوب في ظهروقت العود وهو الوطء وفي وطء في نهاررمضان حين الوطء وفي قتل زمن زهري في الروح وفي يمين زمن حنث فلو أعسر موسر قبل تكفير لم يجزئه صوم لأنه غيرما وجب عليه وتبقى الرقبة في ذمته إلى يساره كسائرما وجب وعجزعن أدائه ولو أيسر معسر بعد وجوبها عليه معسرا لم يلزمه عتق اعتبارا بوقت الوجوب ويجزيه العتق لأنه الأصل في الكفارات ولا يلزم عتق إلا لمالك رقبة حين وجوب ولو كانت الرقبة مشتبهة برقاب غيره لإمكان عتقها فيعتق رقبة ناويا ما يملكه ثم يقرع بين الرقاب فيخرج من قرع لتتعين الحرية فيه أو إلا لمن يمكنه الرقبة بأن قدر على شرائها بثمن مثلها أو مع زيادة على ثمن مثلها لا يجحف به ولوكثرت لعدم تكررها بخلاف ماء وضوء أو يمكنه شراؤها نسيئة وله مال غائب يفي بثمنها أو له دين مؤجل يفي بثمنها النسيئة لأنه لا ضررعليه فيه و لا يلزم عتق لمن قدر على رقبة بهبة بأن وهبت له هي أوثمنها اللمنة و يشترط للزوم عتق أن تفضل الرقبة عما يحتاجه من وجبت عليه من أدنى مسكن صالح لمثله و من أدنى خادم لكون مثله لا يخدم نفسه أو لB عجزه عن خدمة نفسه و أن تفضل عن مركوب وعرض بذله يحتاج إلى إستعماله كلباسه وفراشه وأوانيه وآلة حرفته و أن تفضل عن كتب علم يحتاج إليها وثياب تجمل لا تزيد على ملبوس مثله و عن كفايته و كفاية من يمونه دائما و عن رأس ماله لذلك أي لما يحتاجه وكفايته وعياله و عن وفاء دين لله أو لآدمي حال أو مؤجل لأن ما إستغرقته حاجة الإنسان كالمعدوم في جواز الانتقال إلى بدله كمن وجد ماء يحتاج إليه لعطش له الانتقال إلى التيمم فإن كان له خادم وهوممن يخدم نفسه لزم عتقه لفضله عن حاجته وما يحتاج لأكل الطيب ولبس الناعم يشتري به ولوكان من أهله لعدم عظم المشقة فيه ومن له فوق ما يصلح لمثله من خادم ونحوه كمركوب ومسكن وأمكن بيعه وشراء بدل صالح لمثله و شراء رقبة بالفاضل لزمه العتق لقدرته عليه بلا ضرر فلو تعذر لكون الباقي لا يبلغ ثمن رقبة لم يلزمه أوكان له سرية يمكن بيعها وشراء سرية ورقبة بثمنها لم يلزمه ذلك لأن غرضه قد يتعلق بنفس السرية فلا يقوم غيرها مقامها وشرط في إجزاء رقبة في كفارة مطلقا و في نذر عتق مطلق اسلام ولوكان المكفر كافرا لقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } وألحق بذلك بماقي الكفارات حملا للمطلق على المقيد كما حمل قوله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } على قوله وأشهدوا ذوي عدل منكم بجامع أن الاعتاق يتضمن تفريع العتيق المسلم لعبادة ربه وتكميل أحكامه ومعونة المسلمين فناسب ذلك شرع إعتاقه في الكفارة تحصيلا لهذه المصالح وحمل النذر عليها لأن المطلق من كلام الآدمي يحمل على المطلق من كلامه تعالى و شرط فيها سلامة من عيب مضر ضررا بينا بالعمل لأن المقصود تمليك القن نفعه وتمكينه من التصرف لنفسه وهذا غيرحاصل مع ما يضر بعمل كذلك كعمى لأن الأعمى لا يمكنه العمل في أكثر الصنائع و كB شلل يد أو رجل أو قطع إحداهما لأن اليد آلة البطش والرجل آلة المشي فلا يتهيأ له كثيرمن العمل مع تلف أحدهما أو شللها أو قطع سبابة أو إصبع وسطي أو إبهام من يد أو رجل تبع فيه التنقيح وقد ذكرت كلام الحجاوي في الحاشية أو خنصر وبنصر معا من يد واحدة لزوال نفعها بذلك وقطع أنملة من إبهام أو قطع أنملتين من غيره أي الإبهام كقطع الإصبع كله لذهاب منفعة الإصبع بذلك ويجزىء من قطعت بنصره من إحدى يديه وخنصره من الأخرى أو قطعت بنصره من إحدى رجليه و قطعت خنصره من الأخرى لبقاء نفع كل منهما أو جدع بالدال المهملة أي قطع أنفه فيجزىء أو قطع أذنه أو يخنق أحيانا لأنه لا يضر بالعمل أو علق عتقه بصفة لم توجد لأن ذلك لا أثر له بخلاف من علق عتقه بصفة فنواه عند وجودها فلا يجزىء لأن سبب عتقه انعقد عند وجود الصفة فلا يملك صرفه إلى غيرة وكذا لوقال إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حر فلا يجزئه بخلاف ما لو قال إن اشتريتك فأنت حر للكفارة ثم اشتراه لها و يجزىء مدبر وصغير ولو غيرمميز وولد زنا وأعرج يسير أو مجبوب وخصي ولو مجبوبا وأصم وأخرس تفهم إشارته وأعور وأبرص وأجذم ونحوه ومرهون ومؤجر وجان وأحمق وحامل وله استثناء حملها لأن ما فيهم من النقص لا يضر بالعمل وما فيهم من الوصف لا يؤثر في صحة عتقهم و يجزىء مكاتب ما لم يؤد شيئا من كتابته لأنه رقبة ملة سالمة لم يحصل عن شيء منها عوض و لا يجزىء من أي مكاتب أدى منها شيئا لحصول العوض عن بعضه كما لو أعتق بعض رقبة أو اشترى بشرط عتق فلا يجزىء لأن الظاهرأن البائع نقصه من ثمنه فكأنه أخذ على عتقه عوضا وإن قيل له : أعتق عبدك عن كفارتك ولك كذا ففعل لم يجزئه عنها وولاؤه له ولورد العوض بعد العتق وإن قصد عتقه عن الكفارة وحدها وعزم على رد العوض أورده قبل العتق وأعتقه عن كفارته أجزأ أو يعتق على مكفر بقرابة فلا يجزئه لقوله تعالى : { فتحرير رقبة } والتحرير فعل العتق ولم يحصل هنا كذلك ولأن عتقه مستحق بغيرسبب الكفارة و لا يجزىء مريض مأيوس منه لعدم تمكنه من العمل و لا منصوب منه و لا يجزىء زمن ومقعد لعدم تمكنهما من العمل في أكثر الصنائع و لا يجزىء نحيف عاجز عن عمل لأنه كمريض مأيوس من برئه و لا يجزىء أخرس أصم ولو فهمت إشارته لأنه ناقص بفقد حاستين تنقص بنقصهما قيمته نقصا كثيرا وكذا أخرس لا تفهم إشارته ومجنون مطبق لأنه يمنع من العمل بالكلية وغائب لم تتبين حياته لأن وجوده غيرمحقق فلا يبرأ بالشك فإن أعتقه ثم تبين بعد كونه حيا فإنه يجزىء قولا واحدا قاله في الإنصاف و لا موصى بخدمته أبدا لنقصه أو أم ولد لاستحقاق عتقها بسبب آخر و لا جنين ولو ولد بعد عتقه حيا لأنه لم تثبت له أحكام الدنيا بعد ومن أعتق في كفارة جزأ من قن ثم أعتق ما بقي منه ولو طال ما بينهما أجزأ لأنه أعتق رقبة كاملة كإطعام المساكين أو أعتق نصف قنين ذكرين أوأنثيين أومختلفين عن كفارته أجزأ ذلك لأن الاشقاص كالاشخاص ولا فرق بين كون الباقي منهما حرا أو رقيقا لغيره لا ما سرى بعتق جزء كمن يملك نصف قن وهوموسر بقيمة باقية فأعتق نصفه وسرى إلى نصيب شريكه فلا يجزيه نصيب شريكه لأنه لم يعتق باعتاقه لأن السراية غيرفعله وإنما هو من آثار فعله أشبه ما لو اشترى من يعتق عليه ناويا عتقه عن كفارته ومن علق عتقه بظهار بأن قيل له إن ظاهرت من زوجتي فأنت حر ثم ظاهر عتق المعلق عتقه لوجود الصفة ولم يجزئه عن كفارته كما لو نجزه عن ظهاره ثم ظاهر بأن قال لقنه أنت حر الساعة عن ظهاري ثم ظاهر فيعتق لا يجزئه عن ظهاره أو علق ظهاره بشرط بأن قال إن قدم زيد فزوجتي على كظهرأمي فأعتقه أي قنه عن ظهاره المعلق قبله أي قبل وجود شرط ظهاره فيعتق ولا يجزئه عن ظهاره إذا وجد شرطه لأنه لا يجزئه التكفيرقبل انعقاد سببه ومن أعتق عن كفارة أو نذر غير مجزىء ظانا إجزاءه نفذ عتقه لأنه تصرف من أهله في محله وبقي ما وجب عليه بحاله لأنه لم يؤده