باب صريح الطلاق وكنايته .
يعتبر للطلاق اللفظ أو ما يقوم مقامه كما يأتي فلا يقع الطلاق بالنية وحدها إن لم يقارنها لفظ لأنه الفعل المعبر عما في النفوس من الإرادة والعزم والقطع وانما يكون بمقارنة اللفظ للإرادة لحديث إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث : الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أوتعمل به الصريح في الطلاق وغيره ما لا يحتمل غيره أي وضعا له من كل شيء طلاق أو غيره والكناية ما يحتمل غيره أي وضع لما يشابهه ويجانسه ويدل على معنى الصريح فيتعين له بالإرادة وصريحه أي الطلاق لفظ طلاق أي المصدر فيقع بقوله أنت الطلاق ونحوه وما تصرف منه أي الطلاق كطالق ومطلقة وطلقتك غير أمر كطلقي و غير مضارع كتطلقين و غير مطلقة اسم فاعل أي بكسر اللام فلفظ الإطلاق وما تصرف منه نحو أطلقتك ليس بصريح فيقع الطلاق من مصرح أي ممن أتى بصريحه غيرحاك ونحوه ولو كان هازلا أو لاعبا قال ابن المنذر أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم الطلاق هزله وجده سواء فيقع ظاهرا أو باطنا لحديث أبي هريرة مرفوعا [ ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والنكاح والرجعة ] رواه الخمسة إلا النسائي وقال الترمذي حس غريب أو كان فتح تاء أنت لأنه وجهها بالإشارة والتعيين فسقط حكم اللفظ أو كان لم ينوه أي الطلاق لأن إيجاد هذا اللفظ من العاقل دليل إرادته والنية لا تشترط للصريح لعدم إحتمال غيره وإن أراد أن يقول طاهرا أو نحوه كإرادته أن يقول طاعنا أو طامعا فسبق لسانه بطالق أو أراد أن يقول طلبتك فسبق لسانه بطلقتك دين ولم يقبل حكما أو قال طالقا وأراد من وثاق بفتح الواو وكسرها ما يوثق به الشيء من حبل وغيره أو قال طالقا وأراد من زوج كان قبله أو من نكاح سبق هذا النكاح وادعى ذلك أي أنه أراد ما ذكر دين ولم يقبل حكما أو قال أنت طالق إن قمت ثم قال أردت وقعدت أو نحوه كما لو قال أنت طالق إذا جاء رأس الشهر ثم قال أردت وقدم الحاج فتركته ولم أرد طلاقا دين فيما بينه وبين الله لأنه أعلم بنيته فإن كان صادقا لم يقع عليه طلاق لأنه لم يرد بلفظه معناه ولم يقبل منه ذلك حكما لأنه خلاف الظاهرعرفا فتبعد إرادته كما لوأقربعشرة ثم قال أردت زيوفا أو إلى شهر من قيل له أطلقت امرأتك فقال نعم أو قيل له امرأتك طالق فقال نعم وأراد الكذب طلقت وإن لم ينو الطلاق لأن نعم صريح في الجواب والجواب الصريح بلفظ الصريح صريح إذ لو قيل له ألزيد عليك ألف ففال نعم كان إقرارا و لو قيل له أخليتها ونحوه من الكنايات فقال نعم فكناية أي نوى به الطلاق وقع وإلا فلا لأن السؤال كالمعاد في الجواب وكذا ليس لي امرأة أو لا امرأة لي فهو كناية فلو قيل لزوج امرأة ألك امرأة قال لا وأراد الكذب لم تطلق لأنه كناية تفتقر إلى النية ولم توجد مع إرادة الكذب وكذا إن نوى ليس لي امرأة تعفني أو تخدمني ونحوه أوأني كمن لا امرأة له أو لم ينو شيئا فإن نوى به الطلاق وقع وإن قيل لعالم بالنحوألم تطلق امرأتك فقال نعم لم تطلق لأنه إثبات لنفي الطلاق وتطلق إمرأة غير النحوي لأنه لا يفرق بينهما في الجواب وإن قال العالم بالنحووغيره كما يدل عليه كلام الإقناع جوابا لقول ألم تطلق امرأتك بلى طلقت لأنه نفي ونفي النفي إثبات فكأنه قال طلقتها ومن أشهد أي قامت عليه بينة بإقرار ب وقوع طلاق ثلاث لتقدم يمين منه توهم وقوع الطلاق عليه فيها ونحوه ثم استفتى فB أ فتى بالبناء للمفعول أي أفتاه عالم أنه لا شيء عليه أي بأنه لم يقع عليه طلاق لم يؤاخذ بإقراره بوقوع الثلاث عليه لمعرفة مستنده في إقراره بوقوع الطلاق وبقبل قوله قال الشيخ تقي الدين بيمينه أن مستنده في إقراره بوقوع الطلاق بذلك أي بسبب ما صدر منه من اليمين التي توهم حنثه فيها ان كان ممن يجهل مثله لدلالة ظاهر الحال عليه وهوأخبر بما نوى وإن أخرج زوج زوجته من دارها أو لطمها أو أطعمها أو أسقاها أو ألبسها أو قبلها ونحوه بأن دفع إليها شيئا وقال هذا طلاقك طلقت وكان صريحا نصا لأن الفعل نفسه لا يكون طلاقا فلا بد من تقدير فيه ليصح لفظه به فكأنه قال أوقعت عليك بهذا الفعل طلاقا فلم يفتقر إلى نية فلو فسره بمحتمل لعدم الوقوع كأن نوى أن هذا سبب طلاقك في زمن بعد هذا الوقت قبل حكما لعدم ما يمنع منه لاحتماله وإن قال لزوجته كلما قلت لي شيئا من كلام ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت له أنت طالق بفتح التاء أو قالت له أنت طالق بكسر التاء فقال لها مثله أي مثل ما قالت له طلقت لأنه شافهها بصريح الطلاق ولو علقه أي الطلاق بأن قال لها أنت طالق إن ذهبت للهند ونحوه فتطلق لوجود الصفة لأن هذا الذي قاله لها غير الذي قالته له إذا المنجز غيرالمعلق قال ابن الجوزي وله التمادي إلى قبيل الموت ولو نوى بقوله جوابا لها أنت طالق في وقت كذا ونحوه كإرادته إن ذهبت مكان كذا أوإن كنت على صفة كذا تخصص به فلا يقع المعلق أولا لعدم وجود شرطه ولا الثاني حتى يجيء وقته ونحوه لأن تخصيص اللفظ العام بالنية سائغ كما لوحلف لا يتغدى ونوى ذلك اليوم أو غدا معينا أوحلف لا يكلمه ونوى بما يكرهه فلا يحنث إذا كلمه بما يحبه ونظائره كثيرة ومن طلق زوجة له أو ظاهر من زوجة له ثم قال عقبه لضرتها شركتك أو أشركتك معها أو أنت شريكتها أي فيما أوقعت عليها من طلاق أو ظهار أو قال لضرتها أنت مثلها أو قال لضرتها أنت كهي ف هو صريح فيهما أي الطلاق والظهار نصا فلا يحتاج إلى نية لجعله الحكم فيهما واحدا إما بالشركة في اللفظ أو بالمماثلة وهذا لا يحتمل غيرما فهم منه أشبه ما لو أعاده بلفظه على الثانية ويقع الطلاق بقوله لزوجته أنت طالق لا شيء أو أنت طالق طلاقا ليس بشيء أو أنت طالق طلاقا لا يلزمك أو أنت طالق طلقة لا تقع عليك أو طلقة لا ينقص بها عدد الطلأق لأنه رفع لجميع ما أوقعه أشبه إستثناء الجميع وإن كان ذلك خبرا فهوكذب لأن الطلاق إذا أوقعه وقع ويقع في ذلك كله طلقة و لا يقع شيء بأنت طالق أولا لا أنت طالق واحدة أولا لأنه إستفهام فأخرج اللفظ عن الايقاع بخلاف ما قبله فإنه إيقاع ومن كتب صريح طلاق إمرأته بما يبين وقع وإن لم ينوه لأنها أي الكتابة صريحة فيه أي الطلاق لأنها حروف يفهم منها المعنى فإذا أتى فيها بالطلاق وفهم منها وقع كاللفظ ولقيام الكتابة مقام قول الكاتب لأنه A أمر بتبليغ الرسالة وكان في حق البعض بالقول وفي حق آخرين بالكتابة إلى ملوك الأطراف فلو قال كاتب الطلاق لم أرد إلا تجويد خطي أو لم أرد إلا غم أهلي قبل لأنه أعلم بنيته وقد نوى محتملا غيرالطلاق أشبه ما لونوى باللفظ غير الإيقاع وإذا أراد غم أهله يتوهم الطلاق دون حقيقته لا يكون ناويا للطلاق أو قرأ ما كتبه وقال لم أقصد إلا القراءة قبل منه ذلك حكما لما تقدم فإن كتبه بشيء لا يبين كأصبعه على نحووسادة أو فى الهواء لم يقع لأنه بمنزلة الهمز والإشارة ولا يقع بهما شيء ويقع الطلاق بإشارة مفهومة من أخرس فقط لقيامها مقام نطقه فلو لم يفهمها أي إشارة الأخرس إلا بعض الناس ف هي كناية بالنسبة إليه وتأويله أي الأخرس مع صريح أي إشارة مفهومة و ك تأويل غيرأخرس مع نطق بصريح طلاق وعلم بما تقدم أن الطلاق لا يقع إلا بلفظ أوكتابة أو شارة أخرس ويقع الطلاق ممن لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام لعدم المانع وصريحه أي الطلاق بلسان العجم بهشتم بكسر الباء الموحدة والهاء وسكون الشين المعجمة وفتح التاء المثناة فوق لأنها في لسانهم موضوعة للطلاق يستعملونها فيه أشبه لفظ الطلاق بالعربية ولو لم تكن صريحة في لسانهم لم يكن فيه صريح للطلاق ولا يضركونها بمعنى خليتك فان طلقتك كذلك إلا أنه لما كان موضوعا ومستعملا فيه كان صريحا فمن قاله أي بهشتم عارفا معناه وقع ما نواه من طلقة أو أكثر فإن لم ينو شيئا فواحدة كصريحة بالعربية فإن زاد على بهشتم بسيار فثلاث تقع وإن أتى به أي لفظ بهشتم من لا يعرف معناه لم يقع أو أتى بصريح الطلاق العربي من لا يعرف معناه لم يقع عليه شيء لأنه لم يرد بلفظ معناه لعدم علمه ولو نوى موجبه أي القول الذي لم يعرف معناه لأنه لا يتحقق إختياره لما لا يعلمه