باب احكام أم الولد .
الأحكام جمع حكم وهوخطاب الله المفيد فائدة شرعية وأصل أم أمهة ولذلك جمعت على أمهات باعتبار الأصل وعلى أمات باعتبار اللفظ والهاء في أمهة زائدة عند الجمهور ويجوز التسري إجماعا لقوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانكم } وفعله النبي A وهي أي أم الولد شرعا من ولدت ما فيه صورة ولو خفيفة من مالك لها ولو كان مالكا بعضها أو جزءا يسيرا أو كان مالكها او بعضها مكاتبا إن أدى فان عجز عادت قنا ولو كانت الأمة محرمة عليه أي مالكها كأخته من رضاع وكمجوسية وثنيه وكوطأها في نحو حيض أو ولدت من أبي مالكها إن لم يكن الابن وطأها نصا فإن كان الابن وطأها لم تصر ام ولد للأب باستيلادها لأنها تحرم عليه أبدابوطء ابنه لها فلا تحل له بحال فأشبه وطء الأجنبي فلا يملكها ولا تعتق بموته ويعتق ولدها على أخيه لأنه ذو رحمه ونسبه لاحق بالأب لأنه من ورو يدرأ فيه الحد لشبهة الملك وتعتق أم ولد بموته أي سيدها وان لم يملك غيرها لحديث ابن عباس مرفوعا [ من وطىء أمته فولدت فهي معتقة عن دبر منه ] رواه أحمد و ابن ماجه وعنه أيضا قال [ ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله A فقال أعتقها ولدها ] رواه ابن ماجه و الدارقطني ولأن الاستيلاد اتلاف حصل بسبب حاجة أصلية وهي الوطء فكان من رأس المال كالأكل ونحوه وان وضعت أمة من مالكها أوأبيه جسما لا تخطيط فيه كالمضغة ونحوها كالعلقة لم تصر به أم ولد لأنه ليس بولد فإن شهد ثقات من النساء بأن في هذا الجسم صورة خفية تعلقت بها الاحكام لاطلاعهن على ما خفي على غيرهن وان أصابها في ملك غيره بزوجية أو شبهة لا بزنا ثم ملكها حاملا عتق الحمل لأنه ولده ولم تصر أم ولد نصا لمفهوم الخبر ولأن الأصل في ولد الأمة الرق خولف فيما اذا حملت به في ملك سيدها فبقي فيما عداه على الأصل وان زنا بأمة فحملت منه ثم اشتراها فولدت في ملكه لم يعتق لأنه كأجنبي منه لا يلحقه نسبه ومن ملك أمة حاملا من غيره فوطأها قبل وضعها حرم عليه بيع الولد ولم يصح ويعتقه نصا لأنه قد شرك فيه لأن الماء يزيد في الولد نقله صالح وغيره قال الشيخ تقى الدين : ويحكم باسلامه وانه يسري كالعتق أي لوكانت كافرة ويصح قوله أي السيد لامته : يدك أم ولدي فهوكقوله لها : أنت أم ولدي لأن اقراره بأد جزءا منها مستولد يلزمه الاقرار باستيلادها كقوله يدك حرة أو أي وكذا قوله لابنها أي ابن أمته يدك ابني فهو إقرار بأنه ابنه كقوله : أنت ابني وان لم يقل ولدتيه في ملكى لم تصرأم ولد له إلا أن تدل قرينة على ولادتها له في ملكه ويأتي في الاقرار وأحكام أم ولد ك أحكام أمة غير مستولدة في اجارة واستخدام و وطء وسائر أمورها كاعارة وايداع لأنها مملوكته أشبهت القن لمفهوم قوله A [ هي معتقة عن دبرمنه ] وقوله [ فهي معتقة من بعده ] فدل على أنها قبل ذلك باقية في الرق الا في تدبير فلا يصح تدبيرها لأنه لا فائدة فيه إذ الاستيلاد أقوى منه حتى انه لو طرأ عليه أبطله كما تقدم أو ما ينقل الملك كبيع فلا يصح بيع أم الولد غير كتابة فتصح كتابتها ويقدم وكهبة ووصية ووقف لحديث ابن عمر مرفوعا [ نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال : لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها السيد ما دام حيأ فإذا مات فهي حرة ] رواه الدارقطني ورواه مالك في الموطأ و الدارقطني من طريق آخر عن ابن عمر عن عمر موقوفا وفي حديث أبي سعيد وابن عباس أعتقها ولدها اشعار بذلك ومنع بيع أمهات الأولاد روي عن عمر وعثمان وعائشة وروي عن علي وابن عباس وابن الزبير بيعهن وأما حديث جابر [ بعن أمهات الأولاد على عهد رسول الله A وعهد أبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا ] ليس فيد تصريح بأنه كان بعلمه A وعلم أبي بكروالا لم تجزمخالفته ولم تجتمع الصحابة بعد على مخالفتهما أو يراد له أي لنقل الملك كرهن فلا يصح رهنها لأن القصد منه البيع في الدين ولا سبيل اليه وولدها أي أم الولد من غير سيدها إن أتت به بعد إيلادها من سيدها كهي سواء كان من نكاح أو زنا أوشبهة ان لم تشتبه عليه بمن لده منهاحر وسواء عتقت بموت سيدها أوماتت قبله فيجوز فيه من التصرفات ما يجوز في أم الولد ويمتنع فيه ما يمتنع فيها لأن الولد يتبغ أمه حرية ورقا فكذا في سبب الحرية قال أحمد : قال ابن عمر وابن عباس وغيرهما ولدها بمنزلتها إلا أنه أي ولدها لا يعتق بإعتاقها لأنها عتقت بغيرالسبب الذي تبعها فيه ويبقى عتقه موقوفا على موت سيده وكذا لو عتق ولدها لم تعتق بل يمرت سيدها أو أي ولا يعتق ولدها بموتها قبل سيدها ويبقى عتقه موقوفا على موت سيدها لبقاء التبعية بخلاف المكاتبة إذا ماتت بطلت التبعية لأن سبب العتق في الكتابة الاداء وقد تعذر بموتها والسبب في أم الولد موت السيد ولا يتعذر بموتها وإن مات سيدها وهي حامل منه ننفقتها لمدة حملها من مال حملها أي نصيبه الذي وقف له لملكه له وإلا بأن لم يكن للحمل مال بأن لم يخلف السيد ما يرث منه الحمل ف نفقة الحمل على وارثه لقوله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } وكلما جنت أم ولد على غيرسيدها تعلق أرش جنايتها برقبتها و فداها سيدها بالأقل من الارش أي ارش الجناية أو من تيمتها يوم الفداء فإن كانت حينئذ مريضة أو مزوجة ونحوه أخذت قيمتها بذلك العيب قال في الشرح : وينبغي أن تجب قيمتها معيبة بعيب الاستيلاد لأن ذلك ينقصها فاعتبر كالمرض وغيره من العيوب انتهى أما كونه يلزمه فداؤها فلانها مملوكة له يملك كسبها أشبهت القن وأما كونه يلزمه فداؤها كلما جنت قال أبو بكر : ولو ألف مرة فلأنها أم ولد فلزمه فداؤها كأول مرة ولو اجتمعت أروش بجناياتها قبل اعطاء شىء منها أي الاروش تعلق الجميع من الأروش برقبتها ولم يكن على السيد فيها كلها الا الأقل من أرش الجميع أو من قيمتها يشترك فيها أرباب الجنايات على شخص واحد وإن قتلت أي أم ولد سيدها محمدا فلوليه أي السيد إن لم يرث ولدها شيئا من دمه أي السيد القصاص كغير أم ولده فإن ورث ولدها شيئا من دم سيدها فلا قصاص عليها لأنه لا يجب للولد على أحد أبويه فإن عفا عنها على مال أو كان القتل لسيدها شبه عمد أو خطأ لزمها الأقل من قيمتها أو من ديته أي السيد اعتبارا بوقت الجناية كما لو جنى عبد فأعتقه سيده وهي حال الجناية أمته وإنما تعتق بالموت وتعتق في الموضعين وهما القتل عمدا وخطأ لأن المقتضى لعتقها زوال ملك السيد عنها وقد زال ولو لم تعتق بذلك لزم زوال نقل الملك فيها ولا سبيل اليه أو لأن العتق لغيرها فلم يسقط بفعلها بخلاف الميراث وأورد عليه المدبر وأجيب بضعف السبب فيه ولا حد بقذف أم ولد لأنها أمة تعتق بالموت أشبهت المدبرة وإن أسلمت أم ولد لى محافر منع من غشيانها أي وطأها والتلذذ بها لتحريمها عليه باسلامها وحيل بينه وبينها لئلا يغشاها ولا تعتق بإسلامها بل يبقى ملكه عليها على ما كان قبل إسلامها وأجبر سيدها على نفقتها إن عدم كسبها لوجوبها عليه لأنه مالكها ونفقة المملوك على سيده فإن كان لها كسب فنقتها فيه لئلا يبقى له ولاية عليها مما شاءت وإن فضل من كسبها شيء عن نفقتها فلسيدها نإن أسلم سيدها حلت له لزوال المانع وهو الكفر فإن مات سيدها كافرا عتقت بموته كسائر أمهات الأولاد ولعموم الاخبار وإن وطىء أحد اثنين مشتركين في أمة أمتهما أدب لفعله محرما ولاحد فيه لمصادفته ملكا كوطء أمته الحائض ويلزمه أي واطىء المشتركة لشريكه من مهرها بقدر حصته منها سواء طاوعته أو أكرهها لأنه لسيدها فلا يسقط بمطاوعتها كإذنها في قطع بعفض اعضائها فلو ولدت من وطء الشريك صارت ام ولده كما لوكانت خالصة له وخرجت من ملك الشريك كما تخرج بالاعتاق موسرا كان الواطىء أو معسرا لأن الايلاد اقوى من الاعتاق وولده أي الشريك الواطء منها حر لأنه من محل للواطىء فيه ملك أشبه ما لو وطىء أمته في حيض أو إحرام ويستقر في ذمته اي الواطىء ولو كان معسرا نصا قيمة نصيب شريكه من الموطوءة لأنه أخرجه من ملكه أشبه ما لو اخرجه منه بالاعتاق أو الاتلاف وانما سرى الايلاد إلى نصيب شريكه مع عمرته بخلاف الاعتاق لأنه اقوى لكون الايلاد ليس من فعل الشريك وان كان الوطد من فعله لوجود الوطء بلا إيلاد فهومن الأسباب التي لا يمكن رفع مسبباتها كالزوال لوجود الظهر ولا يلزم الشريك لواطىء لشريكة شيء من مهره قيمة ولد لأن حصة الشريك انتقلت الى ملك شريكه الواطىء بمجرد العلوق فصارت كلها له وانعقد ولده حرا كما لو أتلفها فماتت من الوطء فلا يلزمه الا قيمة نصيب شريكه كما لو قتلها فإن أولدها الشريك الثاني بعد ايلاد الأول لها عالما به فعليه مهرها كاملا لمصادفة وطأه ملك الغير أشبهت الأمسة الأجنبية و ولده منها رقيق تبعا لأمه لأنه ملك له فيها وان جهل الواطىء الثاني ايلاد شريكه الأول أو علمه وجهل أنها صارت ام ولد له اي الأول وان حصته انتقل ملكها للأول بايلادها فولده حر للشبهة وعليه أي الواطىء الثاني فداؤه أي فداء ولده الذي أتت به من وطأه مع جهله كونها صارت ام ولد للأول لأنه فوت رقة على الأول يوم الولادة لأنه أول أوقات إمكان تقويمه وسواء كانت الأمة بينهما نصفين أو لأحدهما جزء من ألف جزء وللآخر البقية والله سبحانه وتعالى أعلم